يتبيّن متابعُ تطورات الحرب، لاسيما الخطاب السياسي/ العسكري لرئيس حكومة الكيان العبري أن منسوبه التصعيدي يرتفع يومياً بشكل ملحوظ. البعض يعلّق على هذه الظاهرة بالقول: إنه تطوّر طبيعي يتناسب مع المسار العسكري للمعارك في الميدان. ويضيف أن العالم كلّه الذي يراقب الحرب أو يواكبها أو يشارك فيها بشكل أو بآخر ينظر الى «دحرجة الميدان» بغير العين والمنظار اللذَين ننظر، نحن، إليها بهما. وبالتالي فهو يرى إليه على أنه دمّر غزة ويدمر الجنوب اللبناني والضاحية وبعلبك والبقاع، ولا يعنيه كثيراً أن يستعيد الأسرى لدى حماس حتى ولو لم يبقَ منهم أسيرٌ واحد على قيد الحياة. فيما نظرتنا مختلفة ونرددها من دون توقف باعتبار أن للحرب أهدافاً سياسية تتجاوز الميدان، وهي لم تتحقق حتى اليوم بالرغم من آلة الموت والدمار التي يملكها جيش الاحتلال والمدعومة الى أبعد حدود الدعم من الأميركي والحلف الأطلسي.
في أي حال إن خطاب نتنياهو، أمس، الذي ألقاه في حضور الأطياف كلها في دولة الكيان الصهيوني، بما في ذلك قيادات غير زمنية في بعض الطيف العربي. وكانت المناسبة تخريج ضباط ينتمي بعضهم الى ذلك الطيف الذي وصف نتنياهو أحدَ قادته غير الزمنيين بأنه «صديقي الذي خسر أحد اقربائه، من كبار الضباط» (على الجبهة اللبنانية). وهذه واحدة من عناصر القوة في يد رئيس وزراء العدو الذي نقل نفسه من متهم من المحكمة ويمثل أمام القضاء، مع زوجته، بتهمة الفساد، الى ملك إسرائيل المتوج بدماء الأبرياء المدنيين من أطفال ونساء ومسنّين.
لذلك وصف الإعلام الإسرائيلي، في التعليقات الأولية على كلام «بيبي»، بأن أقواله تُصنَّف بمثابة «خطاب النصر».
وعلى صعيد شخصي ندركُ أن قوة العدو لها مقوِّماتها من دون أدنى شكّ، إلّا أن عنصرها الأول يتمثّل في ضعف المنظومة العربية، وأيضاً ضعف العالم الإسلامي (والحديث نسوقه، هنا، على مستوى المسؤولين الرسميين والقيادات وليس على صعيد الشعوب التي تعجز عن إبداء الرأي للأسباب «الموجبة» المعروفة من الجميع).
وعليه فإن نتنياهو انتقل أمس، رسمياً، من الكلام على العمل على تغيير الشرق الأوسط، الى الجزم بحدوث هذا التغيير، أي من القول إننا في هذه الحرب سنعمل على تغيير الشرق الأوسط، الى القول «إننا نغير الشرق الأوسط».