شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – نقل جنون نتنياهو اكتمل بزعرور نزق ترامب

«اكتمل النقل بالزعرور». هذا المثل الشعبي أكثر ما ينطبق على رئيس حكومة الاحتلال وامبراطور العالم الرئيس الأميركي. وكأن غزة المنكوبة لم يكفها جنون نتنياهو حتى جاءها نَزَق دونالد ترامب الذي طوّب القطاع باسمه مع وعد قاطع بأن يقيم لنفسه تمثالاً على ثغر غزة يطل على البحر الأبيض المتوسط. أمس بلغ الجنون ذروته في إعلان العدو إنهاء الهدنة وشن غارات على المدنيين الغزاويين الأبرياء ليرتقي نحو 600 شهيد ويصاب ما يوازيهم عدداً قبل غروب الشمس، فيفطر الصائمون الصامدون على مجزرة جديدة تفوق المجازر السابقة، قبل وقف القتال، ترويعاً ودماء وأشلاءً ودماراً… هذا أذا أُبقي على شيء لم يكن قد دُمّر من قبل.
العالم كله دان هذا الجنون. لم تبقَ عاصمة واحدة لم تحمّل الصهاينة المسؤولية. وحده حاكم العالم الجديد، دونالد ترامب، أوعز الى البعثة الأميركية في الأمم المتحدة كي تدين حماس وتحملها المسؤولية بزعم أنها رفضت العروض كلها خلال الأسابيع القليلة الماضية. ولو بحثنا في تلك العروض والمقترحات لاكتشفنا أنها كانت دعوة الى الانتحار، ولا شيء سوى الانتحار.
نقول إن العالم كله وقف ضد ما أقدم عليه نتنياهو أمس من جريمة موصوفة. حتى الدول الأوروبية التي لم تجتمع على أمر التقت على التنديد بهذه الجريمة الفظيعة. ودول أوروبية معروف عنها النأي بالنفس ازاء الصراعات والحروب والتطورات العالمية لم تستطع أن تُمسك نفسها أمام هول الجريمة وفظاعة الجرائم الصهيونية فشاركت في الإدانة والتنديد، كما انضمت الى الإدانة شبه الإجماعية منظمات وهيئات أممية ودولية…
ولكن، ماذا كانت النتيجة؟ لا شيء بالتأكيد، لأن الأميركي ليس داعماً الجريمة وحسب، بل هو أيضاً مساهم فاعل فيها، بالمال والعتاد والسلاح والمعلومات المخابراتية أيضاً.
عندما انتُخِب ترامب رئيساً للعالم (عبر رئاسته الدولة العظمى)، استبشر الكثيرون خيراً، وكان أهالي غزة من بينهم، لأن الرجل تعهد بالسلام ووقف الحروب والنزاعات المسلحة… ليتبين، على أرض الواقع، أن السلام الذي يعمل عليه له حدود عُليا ودُنيا: أعلاها مصلحة الولايات المتحدة ومصلحته الشخصية، وأدناها مصلحة الدولة العبرية…
العرب، هم أيضاً، نددوا ودانوا… ولكن الذين لم يُقدموا على خطوة واحدة ذات شأن وفاعلية طوال الحرب العدوانية على غزة زمن ولاية جو بايدن لن يُقدموا على اتخاذها اليوم زمن ترامب، مثال طرد السفراء الصهاينة ووقف التبادل المالي والتجاري والاستخباراتي، وأقله سحب السفراء وتعليق العلاقات الديبلوماسية مع العدو.

khalilelkhoury@elshark.com