استكمالاً لما تناولناه في «شروق وغروب» يوم أمس نقول اليوم إنه ليس جديداً ولا هو مستغرَب، أن يحاول العدو الإسرائيلي اللجوء الى الوسائلَ كلها في حربه الرديفة على لبنان ولا سيما الحرب النفسية والإعلامية، الى جانب حرب الحديد والنار. فعلاً إنه ليس بالأمر الجديد ولا هو مفاجئ. إلّا أن المستغرَب في هذا الصراع أن تسمح صحيفة «دايلي تلغراف» بتحويل صفحاتها الى أداة لهذه الحرب المفضوحة، باستخدامها أسلوب الكذب المكشوف، وهو ما يدعو الى كثير من التساؤل. فهذه الجريدة العريقة معروفة بالرصانة وبتدقيق المعلومات والتأكد منها قبل الطلوع بها على قرائها ومتابعيها، بالملايبن عبر موقعها الالكتروني.
وما تناولته من اختلاق المعلومات الكاذبة عن تحويل مطار رفيق الحريري الدولي الى خزّان للصواريخ والمتفجرات السامّة من دون أي تدقيق يشكّل خروجاً على تقاليد الإعلام البريطاني الذي لا نزعم أنه كان حيادياً على امتداد تاريخ الصراع العربي – الصهيوني، ولكنه طالما تحلّى بحدٍّ من الصدقية. أقلّه لم يكن ليدخل في هكذا مغالطات من دون اعتماد الرأي والرأي الآخر…
ومن خلال تجربة طويلة في المجال الإعلامي أعطي مثالاً على طريقة تعامل وكالة الأنباء العالمية «رويتر» عندما كانت لا تزال بريطانية (قبل أن تتبدل هويتها ويتغير اسمها الى الجمع لتصبح «رويترز»). فلو حدثت كارثة غرق سفينةٍ ما في البحر أو أي حدث كارثي مماثل، ويصبح شبه أكيد أن ركاب السفينة البالغ عديدهم المئات قضوا جميعاً في الواقعة ولم يطفُ على سطح المياه سوى جثتين، كانت «رويتر» تبث الخبر كالآتي: قتيلان على الأقل في غرق سفينة الخ… ومن باب المقارنة كانت وكالات الإعلام العالمية الأخرى، بما فيها الكبيرة في أوروبا وسائر أنحاء العالم تعتمد الأسلوب الآتي: مئات القتلى في غرق السفينة الخ… وهذا ينبئ بتمسك الصحافة البريطانية بأهداب الحقيقة والمسؤولية.
وتجدر الإشارة الى أن المسؤولية المعنوية والمادية التي تترتب على نشر معلومة كتلك التي زعمتها «دايلي تلغراف» عن مطارنا الدولي يمكن أن تعرضها الى تعويض مادي كبير يُقاس بمئات ملايين الجنيهات الإنكليزية، بمقدار ما أن الضرر كبير ومؤذٍ.
لذلك، فإن من أضعف الإيمان والواجب الوطني والحق اللبناني الصراح أن تبادر الحكومة الى التعاقد مع واحد من كبار مكاتب المحاماة في لندن وتكلفه تقديم شكوى ضد هذه الصحيفة التي سمحت قيادتها لنفسها أن تكون وسيلة قذرة في يد العدو الصهيوني ليلحق بوطننا هكذا ضرراً بالغاً. مهما بلغت نفقات هذه الدعوى. وليس ثمة ضرورة للتذكير بأن القضاء البريطاني هو، قولاً وفعلاً، مثل امرأة القيصر، فوق الشبهات.
khalilelkhoury@elshark.com