حراك كبير من الخارج الى الداخل محوره هدفان: أولهما إخراج الاستحقاق الرئاسي من متاهة الشغور القاتل، والثاني العمل (الجاد) على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، مع الإقرار سلَفاً بصعوبة الأمرين اللذين بات واضحاً الارتباط القوي بينهما بعدما تبين أن بقاء الدولة مقطوعة الرأس لم يعد يشكّل أي مصلحة لأي طرف أو فريق، ولو في الحد الأدنى، والعكس صحيح فالمضار بدأت تبدو للعيان، إن على صعيد الأطراف والأفرقاء أو على الصعيد المصيري للبنان.
وبينما يزداد عديد الوافدين الى لبنان، مَن وصل ومَن يتهيّأ للوصول الى ربوعنا، كان لافتاً ما قاله ديبلوماسي غربي يعمل في سفارة بارزة في لبنان، فقد شكا من «قدرة الطاقم السياسي الهائلة على تضييع الفرص». والرجل كان يتحدث في عشاء عائلي أقامه أحد الصحافيين اقتُصر على حضور عائلتَي الرجلين، بعدما آثر الديبلوماسي أن يأتي بعيلته من الخارج لتمضية عطلة الأعياد في بلدنا بدلاً من أن يمضيها في بلده. وأسهب في الكلام على «الفرصة التاريخية النادرة» (داخلياً وإقليمياً، وحتى على الصعيد الدولي) التي يجب ألّا يفوّتها المسؤولون والسياسيون، ولا سيما مجلس النواب، من أجل أن يستعيد لبنان قراره بيده، بعيداً عن الارتهان الى القريب والبعيد.
ولن أدخل في الحيثيات التي استند إليها في التأكيد على أن الفرصة اللبنانية السانحة قد لا تدوم، وبالتأكيد قد لا تتكرر. فقط أستعيد العبارة الآتية من كلامه: «يجب أن يعلم اللبنانيون والطاقم السياسي بالتحديد أن الوضع السوري اليوم وقدرة التحرك اللبناني ازاءه قد لا يستمران طويلاً». وهو استرسل في شرح هذه النقطة كثيراً، وقد لا أبالغ اذ أقول إنه استند الى حيثيات بالغة الأهمية منها ما يتعلق بشخصية القائد السوري أحمد الشرع، ومنها ما يتعلق بالأطراف الحليفة، ومنها أخيراً وليس آخراً ما هو ذو صلة بوقائع وعِبَر ودروس التاريخ بين البلَدين الأقربين لبنان وسوريا(…).
ودعا الرجل الى الاستفادة من الحراك نحو لبنان، وأعرب عن أمله في أن يتجه لبنان الى نوع من «الحياد الإيجابي» الذي يقول به البطريرك الماروني، مؤكداً على أن بلده يملك ما يمكن الاستناد إليه من معلومات حول «تأييد الأكثرية الساحقة» من اللبنانيين لـ «مبدأ» الحياد. وختم بالتحذير الآتي: إذا فوّت اللبنانيون الفرصة، هذه المرة، يكونون قد حكموا على وطنهم بسقوط لا قيامة منه في المستقبل المنظور.
khalilelkhoury@elshark.com