عندما دفع الواجب والحمية وبالطبع الأهداف السياسية حزبَ الله، قبل نحو سنة، الى خوض «حرب الإسناد والمشاغلة» دعماً لغزة ومقاومتها في الثامن من تشرين الأول، (على طريق القدس) من العام الماضي، كتبنا غير مرة نسأل: ماذا لو استمر القتال على الجبهة اللبنانية بعد أن تهدأ الحرب في القطاع، وهل يجد الحزب مَن يقف الى جانبه مسانِداً؟ ويومها استنتجنا (ولم ننتظر الى اليوم) أن أحداً لن يُقدم على هكذا خطوة وسيجد الحزب ذاته وحيداً، وهذا ما يحصل على أرض الواقع اليوم، وتلك هي الحقيقة المرة.
أصلاً كانت الدلائل والمؤشرات والوقائع كلها تتقاطع عند أن العالَمَين العربي والإسلامي قد تخلّيا عموماً عن «القضية المركزية» كما كنا نسمي قضية فلسطين، وراحت دولهما، في معظمها على الأقل إن لم تكن كلها، تتسابق في الهرولة نحو «السلام» المزعوم (الإسرائيلي)، بالقفز فوق مبادرة السلام العربية التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية (قدمها ولي العهد آنذاك رئيس الوفد السعودي الى المؤتمر) في قمة لبنان العربية في مطلع العشرينات.
نسوق ذلك لنؤكد على أن لا بديل للبنان، سواء أفي المواجهة مع العدو الصهيوني أم في الشؤون اللبنانية المحض داخلية أن يعتمد التضامن المفتقَد في وطننا على امتداد العقود الأخيرة. وهنا لا نحمّل طرفاً بعينه المسؤولية، لاسيما أن الثقة مفقودة بين الأفرقاء الداخليين، وحتى داخل الفريق الواحد، فالمسؤولية مشترَكة.
ويقودنا هذا الواقع الى تكرار النداء من أجل التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وتسهيل مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – لودريان الذي أقدم، أمس، على خطوة لافتة بزيارة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النيابية الحاج محمد رعد، في الضاحية الجنوبية التي كانت ولا زالت تتعرض للقصف الوحشي الذي يطاول المدنيين الأبرياء من رجال ونساء وأطفال قبل أن يطاول المقاومين، وهي خطوة ذات رمزية كبيرة في الظرف الراهن وتداعيات العدوان على لبنان وما ينجم عنه من مجازر. وكان لافتاً أن موفد إيمانويل ماكرون لم يعلن عن يأسه ولا عن استحالة مهمته الشائكة بدليل قوله، بعد لقائه رعد، إنه يقوم بجهود لتقريب وجهات النظر بين الأطراف اللبنانية «للوصول الى تفاهم يفضي الى انتخاب رئيس جديد». وبالقدْر ذاته كانت لافتة نصيحته رئيس حكومة تصريف الأعمال بالتوجه الى نيويورك والمشاركة في أعمال الدورة السنوية العادية لمنظمة الأمم المتحدة في هذا الظرف الدقيق، حيث ستُجرى لقاءات وتُعقد محادثات «مهمة جداً يؤمل أن تفضي الى حلٍّ يوقف دورة العنف».