الإطلالة الثالثة لسماحة الشيخ نعيم قاسم بعد استشهاد سماحة الأمين العام الشهيد الكبير السيد حسن نصرالله بدت مختلفة كليّاً عن الاثنتين اللتين سبقتاها، إن في الشكل أو في المضمون، ذلك أن حزب الله، اليوم، في وضع يختلف عما كان عليه قبل أسبوع وأسبوعين اثر التطورات التي تسارعت في حينه وأدّت الى انتشاء بنيامين نتانياهو حتى الانتفاخ. اليوم الحزب استوعب ما حدث في تلك المرحلة واستعاد المبادرة في الميدان، وعلى الأرجح بعد أن استعادها في التنظيم الداخلي والميداني.
يحمل الكلام الثالث أبعاداً كثيرة يبدو كلٌّ منها ذا شأن بارز، ودراستها والتعليق عليها تستوجب مطوّلات كثيرة لا مجال لها في هذه العجالة. فقط نودّ أن نتوقف عند «معادلة الإيلام» في كلامه، وهذه ليست إستراتيجية جديدة اذ كان الشهيد نصرالله قد رسمها منذ سنوات عديدة، ولكن العدو الإسرائيلي اعتبر أن الحزب لم يعد قادراً عليها بعد التطورات المأساوية قبل أسبوعين، التي أشرنا إليها سابقاً.
المهم أن الشيخ نعيم قاسم الذي آلت إليه مقاليد الأمانة العامة ريثما يُعلَن، رسمياً، عن اسم الأمين العام الذي سيخلف الشهيد، تحدث من موقع القوة المستنِدة الى تطورات الميدان وما حققه المجاهدون من نتائج تمتد من الصمود الكبير على الحدود في المواجهة الفاعلة مع جحافل جيش العدو الى قصف قواعده في داخل فلسطين المحتلة …
ومن هذا الموقع القوي، وعلى طريقة الإمام الراحل الخميني، تجرّع نائب الأمين العام نعيم قاسم كأس السم التي لم يكن ليرغب بها فقاربها إذ أعلن عن أن الحلّ يكون بوقف إطلاق النار كمدخلٍ الى عودة النازحين المستوطنين الى شمال فلسطين المحتلة… محذّراً من أن عدم التوصل الى وقف إطلاق النار سيزيد أعداد هؤلاء النازحين الى مليونين وأكثر.
وعليه، فقد أحرج الشيخ نعيم قاسم العدو الصهيوني، بأن رماه بهذا الاقتراح الجريء الذي يتلاقى مع المساعي الدولية الحثيثة الجارية هذه الأيام للخروج من النفق المظلم.
والسؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح: هل سينزل نتنياهو عن الشجرة أو إنه سيمضي في جرّ المنطقة والسلم العالمي كله الى المزيد من الدماء والدموع والكوارث؟!.
khalilelkhoury@elshark.com