«الأيام المعدودة التي مرّت على نجاح الثورة السورية وسيطرتها على مقاليد الحكم في سوريا هي بمثابة شهر العسل الذي يبقى استمراره وقفاً على الطريقة التي يتعامل فيها القيادي أحمد الشرع مع الآخرين وما أكثرهم، بل وما أكثر تنوّعهم». بهذه المقدمة استهل الديبلوماسي الأوروبي الغربي حديثنا الأسبوعي مضيفاً: إن الرجل (الشرع) الذي «عرف كيف يخلع الكثير من ماضيه» عليه أن يواجه ظروفاً مختلفة كلّياً عن كل ما عرفه في مسيرته الماضية منذ انطلاقتها مع القاعدة وداعش الى رسوّها في قصر الشعب في دمشق.
وقال: الاختبار الأوّل الذي يُختبَر فيه الرجل ليس أمنياً بالضرورة، ولكنه الأهم في نظر العالم الغربي وهو كيفية تعامله مع الأقليات بدءاً بالمسيحيين والعلويين وسواهم، وفي هذه المسألة لا يمكن الاكتفاء بالشعارات، إذ يجب عليه أن يقرنها بالتطبيق على الأرض. (والكلام يطول هنا).
ومضى الديبلوماسي الأوروبي الغربي يقول: التحدي الثاني هو «قسد»، والنقطة المركزية هنا أن الشرع لا يواجه هذه المسألة منفرداً انطلاقاً من وحدة الأراضي السورية، إذ إن لديه حليفاً مرشداً في آنٍ معاً هو الرئيس رجب طيب أردوغان، إلّا أن الصعوبة هي في الموقف الأميركي الواضح في دعم الأكراد إن لم يكن في إنشاء دولة كردية مستقلة فأقلّه قيام حكم ذاتي بصيغةٍ ما. وهي قضية معقّدة جداً لا سيما على الصعيد الأمني – العسكري، وقد تشكل اختباراً عسكرياً للقيادة الجديدة، مع التأكيد على أن أنقرة حاضرة للتعامل مع «قسد» بقوة وقسوة. ولكن العقبة تبقى أميركية وغربية عموماً…
وبالنسبة الى القضية الفلسطينية فيقول: صحيح أن الشرع تغلُب عليه العقيدة الإسلامية على القومية العربية، ولكن وضعه على رأس الدولة السورية يفرض عليه التزامات مباشرة تجاه احتلال الجولان أوّلاً والتوسع الإسرائيلي المتواصل منذ أن حققت الثورة انتصارها. وهذه حال مربكة من دون أدنى شكّ(…).
أمّا في الشأن السوري الداخلي فيقول الديبلوماسي الأوروبي الغربي إن الشرع بدأ يواجه بعض التحرج بالنسبة الى التوفيق بين نظام إسلامي يريده وواقع حال سوري اجتماعي لا يأتلف مع دولة إسلامية. وهذه مشكلة كثيرة التعقيد، بل لعلها الأكثر تعقيداً… ولعلّ الدستور المنتظَر إنشاؤه، سيكون العمل عليه في غاية الدقة. وفي التقدير أنه يمكن الاستئناس بالتجربة الأردوغانية في تركيا حيث ثمة تناغم بين الشريعة والدولة المدنية.
وماذا عن العلاقة بين سوريا الجديدة ولبنان؟ أجاب الديبلوماسي الأوروبي الغربي الصديق: لا أتوقع كبير إشكالات لا سيما مع تقلص رقعة النفوذ الإيراني في المنطقة عموماً، مع الإشارة الى أن فريقاً لبنانياً مسيحياً وازناً(…) يوجد بينه وبين الثورة السورية تعاطٍ ليس بجديد. ولكن يجب الاعتراف بأن صعوبةً كبيرة بالنسبة الى الطيف الشيعي، والأمل أن يتعامل النظام السوري الجديد مع لبنان بالندية بين دولة ودولة، وليس بين الحكم السوري والأطياف اللبنانية بذاتها.
khalilelkhoury@elshark.com