شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – سليم الحص الضمير كان أيضاً الوجدان والعقل

من حسن الطالع والتقادير أنني عرفت سليم الحص (واسمه أكبر وأسمى من الألقاب والمراتب) عن قرب، وقُيّضَ لي أن أكون في وفودٍ رئاسية كانت برئاسته أو مشاركاً فيها مع الرئيس العماد إميل لحود، سواء الى القمم ام الى مؤتمرات عربية وإقليمية ودولية. والأكثر أهمية وتحبّباً الى قلبي أنني عملت تحت إدارته في لجانٍ شكّلها لبحث شؤون إدارية ووطنية مثال لجنة تنظيم وزارة الإعلام التي عقدت اجتماعاتها في مكتبي، في الوكالة الوطنية للإعلام، طوال نحو ثلاثة أشهر، وتألفت من كوكبة من القضاة والخبراء في الإعلام والقانون الإداري الخ… ودفعاً لأي التباس كان عملنا من دون أي مقابل، هكذا كان يريد سليم الحص، وهذا كان تجاوبنا معه. وقد أنجزنا مشروعَ قانون يتسم بالحداثة ومتطلبات العصر في حينه، أقره مجلس الوزراء بالإجماع، وأحيل على مجلس النواب وأقرته لجنة الإدارة والعدل ثم لجنة الإعلام فاللجنة المالية، ومن ثم اللجان المشتركة… وتغيرت حكومة سليم الحص، فسحبته رئاسة مجلس الوزراء… وذهب ذلك الشغل الدؤوب عبثاً، وطبيعي أنه لم تعد له جدوى، اليوم، بعد نحو ربع قرن، مع التطور المذهل في الإعلام عموماً.
نشأت بيني وبين دولة الرئيس الدكتور سليم الحص صداقة واحترام ومودة ما مكنني من التعرف الى شخصيته الفذة المكتنزة علماً وثقافة وصدقاً ووطنيةً صافية وعروبة نقية وكرامة ورفعة أخلاق، وترفعاً على الإغراءات والماديات، وهو الذي كان يقوّم الإنسان بمزاياه الشخصية وليس بانتفاخ جيبه، وقد عاش حياته بتواضع وبساطة، وكان في مرحلة تقاعده الإرادي من العمل السياسي يعيش على مداخيل قلمه ونتاج فكره.
ولقد كرّمني الرئيس سليم الحص برسالة بخط يده، سأعتبرها أهم تكريم نلته في حياتي، الى جانب رسالة من وزير ماليته، الذي سبقه ببضعة أيام الى دار الخلود، وكانا ثنائياً استثنائياً في الأمانة والحفاظ على الأموال العامة.
تجاربي مع الرئيس سليم الحص كثيرة، وكلها انطلقت من إيمانه بالعدالة والتزامه القانون وحب الناس بمن فيهم الذين خذلوه ذات انتخابات نيابية يوم اقترض «الضمانة» ليتقدم بترشحه إليها، لأنه لم يكن يملك حتى تلك الحفنة من الليرات.
قالوا فيه إنه الضمير. صحيح، ولكنه أيضاً العقل والوجدان وخصوصاً القلب النابض أبداً بحب الوطن والآخر.
فإلى جوار ربك يا الدكتور سليم الحص، يا أنبل الناس وأكثرهم نقاءً وصدقاً وأمانة. وحديثي عنك ومعك يطول طول احترامي لك وإعجابي بمجموعة القيَم والمزايا التي جعلت الناس تجمع على أنك كنت المثل والمثال.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات (0)
إضافة تعليق