شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – رسالة رئاسية مختلفة منطلقها البساطة المنطقية

للمرة الثانية أعلّق على كلامٍ يدلي به الرئيس جوزاف عون، المرة الأولى كلامه من على منبر قصر الإليزيه، في الإطلالة المشتركة على ممثلي وسائط الإعلام، مع نظيره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والثانية مساء أول من أمس في عشية ذكرى نشوب حرب الثالث عشر من نيسان 1975 التي ضربت لبنان في الصميم ولمّا تزلْ تداعياتها تطاردنا، الى اليوم، في النواحي المختلفة من حياتنا على الصعدان كافة.

يقول المثل الفرنسي الشهير: «البساطة تعمل الجمال». وببساطة في الأسلوب وصدقية تامة كشفت عنها «لغة الجسد»، توجه الرئيس الى أخَواته اللبنانيات وإخوانه اللبنانيين، ليقول لهذا الشعب الصابر المقهور «دفنّا الحرب الى الأبد»، وليقول إن مفاعيل الحرب لن تنتهي ما لم يُكشف مصير آلاف المغَيّبين لأنه من حق الذين بقوا على قيد الحياة من ذويهم أن يعرفوا مصائرهم.

لست، ها هنا، لأتحدث بالتفصيل عن مضامين الرسالة الرئاسية الى اللبنانيين، فقط أردت أن أنوّه بأن فخامته تعمد أن يخاطب شعبه بلغته، بل بلهجة هؤلاء الناس وبأسلوبهم الكلامي مثبتاً، ليس فقط أن لهجة التخاطب التلقائي في ما بينهم قادرة على أن توصل المُراد في سلاسة موصوفة، بل كذلك ليقول إنه من هذا الشعب يعيش معاناته ويتواصل معه بسهولة.

أنا صاحب موقف من كثرة كلام الرؤساء عبّرت عنه مراراً وتكراراً، في هذه الزاوية ومن على غير منبر من المنابر الإعلامية والثقافية والتدريس العالي، وخلاصته إنني ضد لجوء المسؤول الى كثرة الكلام وصفّ الحكي، اقتناعاً مني بأن الكلام الكثير قد يوقع في الأخطاء، وقِلّته قد تغني عن أخطاء وخطايا. وأذكر بين هلالَين قولاً بليغاً للمرحوم الرئيس تقي الدين الصلح، وهو: «نحن قوم نتعثّر بكلامنا».

وفي هذا السياق قلتُ سابقاً وأكرّر أن المرحوم فؤاد شهاب حكم بصمته، وأن الرئيس كميل شمعون كان يتحدث، رسمياً، مرّتين في السنة: في عيد سيدة التلة شفيعة دير القمر وفي عيد الاستقلال.

ومع ذلك فإن ما تحدث به الرئيس جوزاف عون من الإليزيه، ثم في ذكرى الحرب المشؤومة، يجعلني أعرب عن ارتياحي الشخصي وارتياح الكثيرين من الصحافيين وأهل السياسة والمواطنين العاديين ممن التقيتهم مباشرة في الساعات الماضية أو عبر أقنية التواصل الاجتماعي، وبينهم نفر ممن لا يعجبهم العجب.

أخيراً وليس آخراً استعيد من تعليقي على كلام الرئيس في الإليزيه هذه الكلمات: يعرف جوزاف عون كيف يجيد اختيار مستشارين.

khalilelkhoury@elshark.com