لم يكن ينقصنا سوى أن يعلن الأردن الشقيق أن بعضاً من أعضاء خلية الإرهاب والتخريب التي أُميط اللثام عنها في اليومين الماضيين قد تلقّى تدريباً في الجنوب اللبناني. ولولا هذه المعلومة (وهي نتيجة اعتراف الإرهابي بالصوت والصورة) لكان يمكن الاكتفاء بإعلان التضامن الجدي مع الأردن الشقيق الذي لم يلقَ منه لبنان الرسمي والمدني العام سوى كل مودة صادقة وتعاطف طيّب، منذ أيام العاهل الراحل الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه. ولم يتبدل هذا الوضع مع الملك عبدالله الثاني الذي سار على درب والده في استمرار وتمتين العلاقة مع لبنان.
إنه لمن الخطير في مكان أن يكون تنظيم «الإخوان» يتخذ من لبنان قاعدة لتدريب عناصره على استهداف بلدان شقيقة أو صديقة، لا سيما في هذه المرحلة الاستثنائية اللبنانية الدقيقة التي يعمل فيها وطننا على استعادة العافية بالرغم من السلبيات الكثيرة والمعقدة جرّاء الأزمات المتناسلة في هذا البلد المغلوب على أمره والذي يتلمس طريقه في هذا العهد الى النهوض من كبواته.
وحسناً بادرت الدولة، على مختلف مستويات الحكم فيها، الى استنكار استهداف المملكة الهاشمية الشقيقة بأذىً موصوف قد يكون لبنانيون أسهموا فيه بشكل أو بآخر. ولن نعيد سرد الحراك الفوري الذي بادره الرئيس جوزاف عون بالاتصال بالملك عبدالله الثاني، وأن يكون الرئيس نواف سلام اتخذ مبادرة مماثلة، وقد وجّه رئيس الجمهورية الوزراء المعنيين وكذلك القيادات الأمنية الى التواصل مع نظرائهم في المملكة للتنسيق في التحقيق لا سيما لجهة المعلومات الرسمية التي أعلنتها عمّان عن أن جنوبنا كان مقراً لتدريب الإرهابيين.
وفي تقديرنا والاقتناع أنه لا يجوز، بأي حال من الأحوال، أن يتم التساهل في هذه النقطة بدءاً عن الجهة التي تتولى التدريب، وهل دورها يقف عند هذا الإجراء أو أن ثمة أهدافاً أبعد مدى. وهذه التفاصيل يجب تُكشَف وتُعمّم مع التدابير الواجب (أجل الواجب !) اتخاذها في حال ثبوت هذا الاتهام بالغ الخطورة.
وفي يقيننا أن على حزب الله أن يبادر تلقائياً الى أصدار توضيح رداً على تهمٍ، تجاوزت التلميحات.
والواقع أن ثمة ما يدعو الى تساؤلات جذرية في هذا الصدد، خصوصاً أن المعروف المعلَن يفيد بأن لا علاقة ولا حسن تعامل بين الحزب وجماعة الإخوان، والدليل في موقعَيهما العدائيين خلال الحرب في سوريا. أضف الى ذلك ضرورة الإجابة على الأسئلة الآتية:
هل إن التدريبات في الجنوب حديثة العهد أو قديمتُه؟
هل توقفت، أو إنها لا تزال مستمرة؟
هل إن التدريب يُقتصر على الإخوان، أو إنه يشمل تنظيمات وفصائل أخرى؟ وما هي؟
هل الأردن وحده المستهدَف أو ثمة بلدان أخرى، وما هي؟
باختصار، إن المملكة الأردنية الهاشمية بلد شقيق للبنان بينهما أطيب العلاقات، ولم يرَ اللبنانيون منه إلّا كل إيجابية، وبالتالي يجب، في الضرورة القصوى، التعامل معه بالعرفان ورد الجميل، وليس بإرسال مخرّبين إليه.