دخل لبنان في حمّى الانتخابات البلدية والاختيارية، وهي أشدُّ حرارةً من الانتخابات النيابية العامة ولكنها ليست مقياساً كاملاً لها لاعتبارات عديدة من أبرزها أنها تُجرى على القانون الأكثري فيما الأخرى على القاعدة النسبية، ثم إن التحالفات فيها ذات طابع داخلي بالنسبة الى المدن والقرى وحتى الأحياء ما يعني تأثيراً مباشراً لعوامل العائلية والنسب والقرابة والعلاقات الشخصية والإلفة أو الخلافات بين «الحي الفوقاني والحي التحتاني» الخ… أمّا الانتخابات النيابة فتختلف كلياً، إذ إنك تجد في العيلة الصغرى أحدهم مع هذا الحزب أو ذاك، وشقيقه في موقف مناقض مع هذا الزعيم أو ذاك المتزعم.
ومع ذلك فإن الماكينات الانتخابية بدأت العمل على أساس أن البلديات هي «بروفا» عن النيابة. إضافة إلى أنها اختبار للقدرة على مستوى الحراك والنجاح. إلّا أن قادة الأحزاب والزعماء يولون اهتماماً ملحوظاً للبلديات والهيئات الاختيارية كون الرؤساء والأعضاء يشكلون «مفاتيح» انتخابية ذات شأن ولو على المستوى المحدود.
ولعلّه بات شبه محسوم أن الانتخابات المحلية (البلدية والاختيارية) ستؤجّل، ليس لاعتبارات سياسية إنما لعوامل محض لوجستية مرتبطة بعدم اكتمال التدابير والقدرات المالية، وأيضاً بسبب تعذر تأمين الآلاف من الموظفين الذين سيُشرفون على إجراء العمليات الانتخابية على مستوى البلد كلّه. أضف الى ذلك «المبلغ المرقوم» أيّاً كان حجمه لأنه لا يتناسب ومشقّات المهمة التي يتولاها الموظف الذي سيشرف على صندوق الاقتراع، وسائر الإجراءات التنفيذية، وبالطبع هو غير ملائم للنفقات التي يتكبدها، بما فيها بدل النقل والأكل والغذاء.
وفي المعلومات أن الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة الدكتور نواف سلام ووزير الخارجية العميد حجار مجمعون على إجراء الانتخابات في موعدها المضروب سلفاً في انتظار البت في قرار الإرجاء المحدود جدّاً كما أسلفنا أعلاه.
وفي تقديرنا إن التأجيل، إذا كان حتمياً فالأفضل الى شهر حزيران. أمّا اقتراح التأجيل الى شهر تموز المقبل من العام الجاري (كما علمنا أن بعض ذوي الشأن يقترح) فلا نراه مثالياً على الإطلاق، كونه يتوافق في ذروة موسم الاصطياف الذي يجب تدارك كل احتمال قد تترتب عليه إشكالات تسيء إليه…
لذلك نرى التأجيل الى النصف الثاني من شهر أيلول ، حتى ولو التقى مع العودة الى المدارس. وطبعاً سيكون القرار في هذا الشأن لرئيس الجمهورية وللرئيس نواف سلام وبالطبع لمجلس الوزراء، لا سيما لوزراء الدفاع والداخلية والمال.