كنٌا وما زلنا ندعو الى عدم عرقلة إصدار المراسيم التي تُسفر عن تشكيل حكومة العهد الأولى. بل يزداد اقتناعنا، اليوم، بضرورة عدم التباطؤ في إنجاز هذه الأداة التنفيذية الأولى في هذا اللبنان الذي كفاه كربجة أمام استحقاقات داهمة، الصغير فيها كبير جرّاء ما تراكم من قضايا حيوية سرعان ما تحوّل كلٌّ منها الى مسألة وهذه الى قضية تتحول بدورها الى أزمة لنجد أنفسنا أمام معضلات تقضي على آخر ما ربّما لا يزال من بقايا مقوّمات الصمود للبلاد والعباد. ولسنا في موقع تذكير فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة المكلّف بالآمال المعقودة على العهد وحكومته الأولى.
ومع معرفتنا أننا ما زلنا ضمن المهلة التي تُشكَّل خلالها الحكومات في لبنان (طبعاً لا نقصد، هنا، أشهر التعطيل والتأخير الطويلة) إلّا أننا لا ندعو الى التسرّع.
ونتصارح مع القارئ في مفهومنا للتسرّع في هذه الحقبة، حتى ولو أبصرت الحكومةُ المنشودةُ النورَ اليوم قبل الغد.
أوّلاً – يكون التسرّع إذا جاءت الحكومة على غير الصورة التي رسمها لها رئيسها الدكتور نواف سلام مراراً وتكراراً، وفي مناسبات عديدة آخرها قبل أيّام في القصر الجمهوري. وفي تقديرنا إذا خالف التشكيلُ المعاييرَ التي بادر الرئيس نواف سلام الى وضعها من تلقاء نفسه يكون قد أصاب صورته التي أطلّ بها على الداخل والخارج بندوب هو في غنىً عنها. وفي المقابل يكون قد أصاب أيضاً، وبالقدْر ذاته، الهالة التي أحاطت بخطاب القسم الذي تلقفه اللبنانيون بالإعجاب والتقدير.
ثانياً – في باب التسرّع كذلك أن يطلع الرئيس نواف سلام على اللبنانيين (ودائماً على العالم العربي والخارجي) بتشكيلة حكومية تتعامل مع الأطراف الداخلية، ولا سيما مع الطوائف، بصيفٍ وشتاءٍ على سطحها الواحد. وفي تقديرنا أن الرجل لن يفعلها. نقول هذا استناداً الى ما نعرف عنه بأنه رجل عدالة من طراز رفيع، الى مزاياه الأخرى الكثيرة على الصعدان كافة: الثقافية والأخلاقية والمناقبية… وأمّا إذا فعلها فيولّد خيبة لدى الناس تساوي المواقع كلَّها مهما سمت وارتفع شأنها.
ثالثاً – إن الرئيس نواف سلام يأتي الى المنصب السنّي الأرفع في لبنان، في الظرف الاستثنائي بالغ السلبية الذي يعيشه لبنان. وجاء، أو تم التوافق العريض، لبنانياً ودولياً، على شخصه لأنه يكتنز من القِيَم والمبادئ الكثيرة، وأي خطوة ناقصة ستكون بمثابة التسرع الذي لن يعود الندم ينفع فيه.
khalilelkhoury@elshark.com