يروي وزير سابق التقى مسؤولاً أوروبياً كبيراً في وقت سابق أنه فوجئ به يسأله: ماذا فعلتم، على مستوى السلطات الثلاث، من أجل تمكين المودعين اللبنانيين، وأيضاً غير اللبنانيين، لاسيما العرب، من استرداد ودائعهم؟ ويعترف الوزير بأنه أُصيب بإرباك ملحوظ، «لأننا لم نفعل شيئاً مجدياً ولو بالحكي». ولما أصر عليه المسؤول الأوروبي الكبير بأن يأتيه بالجواب أخذ يعرض مشاريع أُقرّت في مجلس الوزراء وتم التراجع عنها، وسواها ناقشها مجلس النواب في اللجان المختصة طوال سنوات، والبعض منها لا يزال قيد البحث والمعالجة الخ…
ويمضي الوزير، الذي كان يتحدث في حلقة ضيقة، إن المسؤول الأوروبي الرفيع (وهما للمناسبة على صداقة واحترام متبادلَين) قال له: إن الكلام بيننا، الآن، ليس تحت سقف الديبلوماسية لذلك سأسمح لنفسي أن أكون على صراحة أعرف أن الكثيرين من أهل السلطة في لبنان لا يريدون أن يستمعوا إليها: إن مسألة الودائع والانهيار المالي لو وقعت في بلد يحترم ذاته لكان الكثيرون من المعنيين وراء القضبان، ليتعفنوا في السجون.
وأضاف المسؤول الأوروبي يقول: إن السلطة التنفيذية عندكم تعاملت مع هذه المسألة/ الفضيحة/ الجريمة الموصوفة بلامبالاة تبلغ حدود التواطؤ. فمن يصدق أنكم بقيتم سنوات طويلة «تعلكون» في قانون «الكابيتال كونترول» الى أن فقد جدواه، وكان يجب إقراره خلال الأيام الثلاثة الأولى من الأزمة. وأضاف: لقد اطلعنا على مسار معالجة أزمة الودائع في أعمال الحكومة، وإن أقل ما يقال فيها إنها ملهاة مبكية تستهدف المودعين لضرب حقوقهم، وما أقوله لك الآن سبق أن أبلغناه الى مسؤولين لبنانيين بحثوا معنا هذا الأمر مباشرةً أو عرَضاً.
وتناول المسؤول الأوروبي الأسلوب الذي تعامل فيه القضاء مع الودائع، معطوفاً على أسلوبه في التعامل مع كارثة تفجير مرفأ بيروت. ونقل الوزير عنه أوصافاً جارحة لن نسجلها هنا لشدة قساوتها!
كما نسب الوزير السابق الى المسؤول الأوروبي قوله: إن الأسلوب الذي اعتُمِد ويُعتَمد في لبنان للتعامل مع الانهيار يكشف الى أي مدى وصل الوضع عندكم، كونه نتيجة حتمية طبيعية لأسلوبٍ لا يمكن أن يؤدّي إلّا الى هذه الحال المأساوية.
وختم كلامه بالقول: يؤسفني أن لا أمل باستعادة الودائع مع هكذا أساليب، ويؤسفني أكثر أن أرى الحال تنسحب أيضاً على كارثة المرفأ.
وعلى ذمة الوزير السابق أن صديقه أبلغ إليه أن بلده ومعه غير بلد أوروبي على استعداد لدعم أي طلب لبناني يستند الى حيثيات القانون الدولي للمساعدة في ملَفَّي المرفأ والودائع. وقال الوزير: وهنا وجدتُ ثغرة في حديثه يمكنني النفاذ منها، فعقبّت على استعداده بقولي: مشكورة لكم عاطفتكم، ولكنكم لم تزوّدونا بما صوّرته أقماركم الصناعية عن انفجار المرفأ.