لا نخترع البارود إذ نقول إن المطلوب من لبنان، في هذه المرحلة، ليس بالأمر السهل، إذ هو على قدر كبير من المسؤولية الدقيقة، فالتعامل معه يجب، بالضرورة، أن يكون عقلانياً جداً، وأن يراعي كثيراً وبلا هوادة، المصلحة الوطنية العليا، ولكن من دون التساهل في تحقيق هذه المصلحة.
إننا نتحدث عن سلاح حزب الله، الذي بات تخلّيه عنه مطلباً لبنانياً وإقليمياً ودولياً. ولم يعد خافياً على أحد أن لا سبيل الى الإعمار وتجاوز تداعيات العدوان الإسرائيلي المدمّر من دون تحقيق هذا الهدف. وهذه الخلاصة الفجّة توصل إليها الجميع، ولقد يكون الرئيس نبيه بري في طليعتهم. وليست مجرّد مصادفة أن يكون رئيس المجلس النيابي هو أول مَن بادر الى الترحيب بمداخلة الرئيس جوزاف عون أمام قمة القاهرة العربية قبل أيّام، الى حد وصف كلامه بِـ «الرائع»، لا سيما لجهة ما تناوله رئيس الجمهورية بالنسبة الى الإنسحاب الإسرائيلي التام من أراضينا وإطلاق أسرانا لدى العدو. ولا نكشف جديداً اذ نشير الى أن لا تباشير استجابة أو استعداد لدى حزب الله للتجاوب مع مطلب تخليه الكامل عن سلاحه، والتزامه بتنفيذ مضامين اتفاق وقف إطلاق النار مع العدو، الذي لا يُحصر بمنطقة جنوب نهر الليطاني، وإنما يشمل الأراضي اللبنانية كافة استناداً الى النصوص والتفسيرات المختلفة ذات الصلة بقرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم 1701، وما ورد فيه من قرارات سابقة. وحكومة تصريف الأعمال السابقة تبنت قرار وقف القتال بأطيافها كافة ووزرائها الحاضرين جميعاً، بمن فيهم وزراء الحزب. وهذا بات معروفاً جداً ولا حاجة للخوض في المزيد من تفاصيله.
وثمة الكثير مما يقال في هذا المجال إن على صعيد المنطقة العازلة التي يسعى العدو الى إقامتها في الجنوب أو، في المقابل، على صعيد كلام أمين عام الحزب سماحة الشيخ نعيم قاسم الذي بدا ميّالاً الى الانتقال الى مرحلة النضال السياسي توافقاً مع المستجدات على الصعيدين الإقليمي والدولي من واشنطن وموقف الرئيس دونالد ترامب الحاسم الى الحدث السوري الذي قلب الواقع والموازين رأساً على عقب.
وفي تقديرنا أنه لا بد من حوار إيجابي وعميق بين السلطة اللبنانية وحزب الله، يكون فيه دورٌ بارز لِـ «الأخ الأكبر» الرئيس نبيه بري، بهدف التوصل الى الحل المنشود بهدوء وروية وبتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما سواها، خصوصاً أن نواب الحزب كانوا بين مؤيِّدي انتخاب الرئيس جوزاف عون، كما أنه تمثل بامتياز في حكومة نواف سلام.