أكثر ما يستحضر الغرابة ما نقرأه ونسمعه ونشاهده، كلّ يومٍ، حول مسار تشكيل الحكومة. ومكمن الغرابة أن الجميع (أجل! الجميع من دون أي استثناء تقريباً) يتحدّث عن الدور الأميركي، في عملية التأليف، من دون أي مواربة، وبصراحة تتجاوز الوقاحة:
فأي مقال يُكتَب نقرأ فيه كلاماً من نوع: الأميركي يعترض على إشراك هذا الفريق أو ذاك في الحكومة، وأنه يرفض هذا الاسم ولا يقبل بذاك، وأن له شروطاً موصوفة ذات صلة بتشكيل الحكومة فإذا لم يأخذ بها الرئيس المكلّف نواف سلام ورئيس الجمهورية جوزاف عون فإنه سيوقف المساعدات للجيش الخ…
أليس هذا ما يُنسب الى هذا المصدر الأميركي وذلك المقرّب من الإدارة وسواهما من موفَدين؟!.
ثمّ أليس ما تقدم مثالاً على ما تضج به الصحف وشاشات التلفزة ونشرات الأخبار؟
وبعض هؤلاء نسب كلاماً مباشراً الى الدكتور مسعد بولس الموفَد الخاص للرئيس ترامب الى لبنان والمنطقة وفيه أن الإدارة الأميركية لا تقبل ليس فقط بمنح حقيبة وزارة المال الى حزب الله وحركة أمل بل أيضا هي ترفض مشاركة الحزب في الحكومة.
ولعلّ الأخطر ما ذهب إليه الأميركي، لبناني الأصل، طوم حرب عندما غمز من قناة الرئيس نواف سلام تاركاً انطباعاً واضحاً ومباشراً بإدّعائه أن الجانب الأميركي منزعج من تكليف الدكتور نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى رابطاً خلفية هذا الموقف بدور سلام، رئيس المحكمة الجنائية الدولية، في قرارها إدانة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على مجازره في غزة وإصدار قرار توقيف دولي بحقه.
طبعا الولايات المتحدة الأميركية لا تتخذ قراراتها بالنكايات ولا تبنيها على الشخصانية إنما على ما تراه يصب في مصلحة مخططاتها التي تقوم، اليوم، على المشروع الإبراهيمي وتكريس إسرائيل قوةً عظمى في المنطقة، ومن عناصر نجاح هذه الستراتيجية ضرب نفوذ إيران وحلفائها.
وعندما ستزورنا السيدة مورغان اورتاغوس، قريباً، سيتأكّد الرئيس نبيه بري وسائر مَن ستلتقيهم في لبنان أن خليفة عاموس هوكشتاين ليست ترثه في المهمة والدور فحسب بل كذلك في الإنتماء الصريح الى الصهاينة، فبينما خدمَ هوكشتاين جندياً محارباً في جيش العدو تعتزّ مورغان (التي استبقتها إلينا وسائط الإعلام بالتركيز على صور وجهها الجميل) بأنها تحمل نجمة داوود واسطةً للعقد الذي يزدان به عنقها.
khalilelkhoury@elshark.com