شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – اللبنانيون: قهر وتهميش

لم يكن سعيد تقي الدين، رحمه الله، أول مَن وصف الرأي العام بأنه بغل، إذ سبقه (بنحو  500 سنة) إلى «حيونة» الشعوب أحد أكبر علماء الاجتماع في التاريخ، عبد الرحمن بن خلدون، الذي ولد في تونس سنة 1332 ميلادية وقُبِض الى ربّه في مصر في 17 آذار سنة 1406. وهو صاحب المصَنّف الشهير بعنوان «كتاب العبَر، وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومَن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر». ولأهمية المقدمة تحولتْ الى كتاب مستقل بذاته، لأهمية موضوعاته والأسلوب العلمي الرصين الذي اعتمده ابن خلدون، ولشمولية الأغراض التي تناولها، ولتنوعها في مقاييس المعرفة من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب، وأحوال البشر واختلاف طبائعهم والبيئة والإنسان ونشوء الدول وأسباب انهيارها (…) وهو سابقٌ عصرَه.

وفي «المقدمة» التي تّرجمت الى جميع لغات العالم الحية موقف سلبي حاد من العروبة ليس مجاله هنا، وكان ولا يزال بين أخذ ورد مستدامَين(…).

أمس كنت في حوار مع فريق من الأدباء للبحث في تأسيس منتدى ثقافي اجتماعي إنساني، ومن خلال استعراضنا الوضع اللبناني المأزوم، توقفنا طويلاً عند بلادة شعبنا الذي يبدو كأنه يعيش حالاً من التخدير الذي ندر مثيله لدى الشعوب التي تعيش المعاناة المستدامة في مختلف نواحي حياتها، فحضرتني عبارة من «مقدّمة» ابن خلدون ما زلت احفظها في ذاكرتي منذ دراستنا الأدب في المعهد الكرملي في طرابلس، وهو الرائد في الوطنية الصافية والتعليم المثالي، على أستاذ الأدب والفلسفة الإسلامية، الشاعر الملهَم أديب الصعيبي، ابن  بلدة «بجة» الجبيلية، مقلع الأدب والشعر والفن الراقي. قال ابن خلدون «الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها، وإن الإنسان إذا طال به التهميش يصبح كالبهيمة لا يهمه سوى الأكل والشرب والغريزة».

…وعفواً، يا شعبنا المقهور والمهمّش!

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات (0)
إضافة تعليق