الساذجون، وحدهم، يصدّقون أن بنيامين نتنياهو سينفذ الاتفاق الذي رعاه واعتزّ به الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون. وهذا الكلام الجازم ليس مجرّد توقع متشائم لأنه منطلِقٌ ممّا يُدار على الأرض في المنطقة الحدودية من انتهاك فادح وفاضح للاتفاق الذي حدّد موعداً حاسماً لوقف إطلاق النار ابتداءً من الساعة الرابعة من فجر ذات يومٍ انقضى قبل أربعة أيام، ولكنّ هذه الساعة لم تدق بعد في التوقيت الصهيوني.
إن ما قام به جيش الاحتلال، أمس، في بلدة الخيام المحتلة وسواها من عشرات البلدات الجنوبية المناضلة الواقعة تحت نيران العدو، لهو مؤشّر سلبي جداً على أن الإسرائيلي يعتبر نفسه فوق الاتفاقات، وأنها وُضعت كي ينفذها الجانب اللبناني وحده… وويل للبنان إذا سجّل خرقاً واحداً، مهما كان بسيطاً، فتقوم قيامة رعاة الاتفاق، ولكن ألسنة هؤلاء تتخرسن أمام ارتكابات الاحتلال حتى ولو كانت بفظاعة ما قام به العدو أمس عندما منع أهالي إحدى الشهيدات التي سقطت في الضاحية الجنوبية وقرر ذووها أن يعيدوها الى مسقط رأسها، في الخيام، لتُدفن الى جانب الآباء والأجداد. واللافت أن ذوي الشهيدة استحصلوا على موافقة من قيادتَي الجيش اللبناني واليونيفيل قبل أن يصلوا الى مدافن البلدة حيث تعرّضوا لرشقات من النيران الإسرائيلية التي أوقعت بينهم جريحين إضافة الى تعمّد دهس سياراتهم ثمّ دفعهم الى الفرار، تاركين الجثمان في سيارة الإسعاف التي «خردقها» رصاص العدو.
حدث هذا في وقتٍ لم تتوقف خروقات العدو إن بالطيران أو بالقذائف المدفعية، ما أوصل رسالة بالغة الوضوح من العدو بأن الاتفاق الذي يتغزّلون بمحاسنه في لبنان ليس أكثر من حبر على ورق بالنسبة الى الصهيوني ولكنه قدس الأقداس بالنسبة الى القوم عندنا.
فهل هذا هو المُرام من اتفاقٍ يُفترَض أنه يحظى برعاية دولية على المستوى الأرفع؟ وهل ثمة طريقة أو سبيل أو أسلوب يمكن للبنان أن يعترض أو، أقله يسجّل موقفاً، ولو من باب حفظ ماء الوجه؟!.