شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الحال السياسية لا تستقيم إلّا بالأحزاب

بداية ثمة ملاحظتان: الأولى أننا لن ننتمِ الى أي حزب ولن ننتمي. والثانية أنّنا نُقر للرئيس المكلًف نوّاف سلام حقه في أن يعود له أن يقرّر موقفه بإشراك او عدم إشراك الأحزاب في حكومته. إلّا أن لنا موقفاً من هذا القرار.
وبعد، نحن على اقتناع راسخ بأن الحياة السياسية لا تستقيم من دون الأحزاب، لا سيما في الأنظمة الديموقراطية. فالبلدان المتقدّمة تقوم على الأحزاب التي هي ركيزة الحياة السياسية حيث يبرز حزبان رئيسان تدور في فلكهما أحزاب أقل بروزاً، يتنافسان فيكون أحدهما في السلطة والآخر في المعارضة.
ولبنان ليس (أو أنه لم يكن) بعيداً عن هذه المعادلة منذ ما قبل الاستقلال الى مرحلة الحرب اللعينة في السبعينات. فقد عاش وطننا حقبةً طويلة في ظلّ التنافس على السلطة بين حزبَي «الكتلة الوطنية» بزعامة إميل إده و«الكتلة الدستورية» بزعامة بشارة الخوري، وكان أحد الحزبين في السلطة والثاني في المعارضة… ولاحقاً، في ستينات القرن العشرين الماضي وحتى الحرب انتقلت المنافسة الى ما بين «النهج» و«الحلف الثلاثي» إذ كان أحدهما في السلطة والثاني في المعارضة.
صحيح أن تلك الأحزاب كانت برئاسة شخصيات مسيحية (مارونية)، ولكنها كانت تضم تقريباً زعامات البلد كلّها على سبيل المثال كان «النهج» ائتلافاً بقيادة فؤاد شهاب ولكنه كان يضم قامات كبيرة أمثال رشيد كرامي السنّي وصبري حماده الشيعي وكمال جنبلاط الدرزي الخ، وكان «الحلف الثلاثي» ائتلافاً بين أحزاب الكتائب بقيادة بيار الجميّل (الجد) و«الكتلة الوطنية» بقيادة ريمون اده، و«الوطنيين الأحرار» بقيادة كميل شمعون الذي كان يحالفه سليمان العلي السني وعادل عسيران الشيعي والأمير مجيد أرسلان وفضل الله تلحوق وبشير الأعور وقحطان حماده الدروز الخ …
واللافت أنه نشأ ما بين الحلف والنهج تكتل الوسط الذي ضمّ، بدوره، سليمان فرنجية (الجدّ) وصائب سلام السني وكامل الأسعد الشيعي وحبيب كيروز وآخرون.
والأهم من ذلك كله أن تلك الممارسة الحزبية أفرزت موالاةً ومعارضة…
هذه هي الحياة السياسية الديموقراطية الصحيحة، فأين نحن منها اليوم؟ وكي لا نظلم الرئيس المكلّف نضيف سائلين: أين هي القيادات الحزبية القادرة على أن تضم كبار الشخصيات والزعامات والقيادات على تنوع طوائفها والمذاهب؟ وأخيراً وليس آخراً نسأل: بل أين هم أمثال أولئك القادة والزعماء؟!.

khalilelkhoury@elshark.com