كتب عوني الكعكي:
بعد 13 عاماً على الحرب السورية.. أثار الانهيار السريع الأخير للقوات النظامية لبشار الأسد تساؤلات، بعدما تمكنت فصائل المعارضة المسلحة من إسقاط نظامه التعسّفي بعد أيام قليلة على هجوم بدأته في حلب وإدلب وحماه وانتهى بدمشق.
لقد تبيّـن أن الجيش السوري، لم يكن يتبع لقيادة مركزية تابعة للأسد لوحده في السنوات الماضية.. فهناك قيادات وقوى تتحكم بهذه القوات، ومرجعية بعضها لا تعود لسوريا إنما لجهات خارجية.
وحتى في الأماكن العلوية، حيث كان مولده، شهدت مدن مثل اللاذقية وطرطوس والقرداحة احتجاجات ومسيرات مؤيدة للثورة، مما أثار دهشة الكثيرين، لا سيما في ظلّ غياب التوترات الطائفية التي كان يُخشى من اندلاعها.
لقد نجحت الثورة وأطاحت فصائل المعارضة في سوريا ببشار، بعد هجوم خاطف شهد في أقل من أسبوعين انتزاع مدن كبرى وصولاً الى دخولها العاصمة دمشق الاحد في الثامن من كانون الاول (ديسمبر).
لقد بدأت الثورة في سوريا، بحملة قمع ضد احتجاجات مناهضة للحكومة في عام 2011، وعلى السنوات الماضية، بقيت الجبهات جامدة الى حد كبير، حتى شنّت “هيئة تحرير الشام” وفصائل متحالفة معها هجومها في 27 تشرين الثاني (نوفمبر).
ويتساءل المراقبون عن أسباب هذا السقوط السريع لبشار الأسد؟
أولاً: بشار السفاح لم يترك محلاً «للصلح» مع أحد كما يُقال. فهو شرّد 12 مليون مواطن سوري وهجّرهم من وطنهم خوفاً من شرّه وظلمه، فهو لا يرحم أحداً حتى أقرب المقربين إليه.
ثانياً: سحق شعبه وقصفه بالبراميل والمتفجرات من دون رحمة، فكان حاكماً بلا ضمير… قتل وسجن الأبرياء… وها هي السجون تدلّ على بشاعته وعنفه وظلمه… وها هو سجن صيدنايا خير دليل على ما نقول… كما أن اختفاء مئات الألوف من السجناء، وقيل إنه «ذوّبهم» بالأسيد، وطحنهم طحناً وأزالهم من الوجود. يدلّ على أنه مجرم من الطراز الأول والفريد من نوعه.
ثالثاً: جيشه المنهك
فعلى مدى أكثر من 13 سنة من النزاع، أنهك الجيش السوري في حرب أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص، ودمّرت اقتصاد البلاد والبنى التحتية والصناعة. وفي هذا المجال أفاد خبراء أن مزيجاً من الخسائر البشرية والانشقاقات والتهربّ من الخدمة العسكرية، تسببت في خسارة الجيش أكثر من نصف قوته البالغة 300 ألف جندي. لقد أخلى الجنود مواقعهم بشكل متكرر في كل أنحاء البلاد غالباً قبل وصول المعارك إليهم. كما أن الجنود الذين يتقاضون رواتب منخفضة جداً كانوا يقومون بعمليات نهب من أجل تعويض ذلك.
رابعاً: حلفاء تخلّوا عنه
لقد اعتمد الأسد بشكل كبير على الدعم العسكري والسياسي والديبلوماسي من حليفيه الرئيسيين روسيا وإيران. وتمكّن من استعادة معظم الأراضي التي خسرها بعد اندلاع الثورة عام 2011. كما أدى التدخل الروسي جواً في عام 2015، الى تغيير مجرى الحرب لصالح الأسد.
لكن روسيا تخلت عنه في هذه الأيام. كما أن ضرباته الجوية فشلت هذه المرة في صدّ المقاتلين الذين اجتاحوا المسافات بسرعة في حلب وحماه وحمص ثم في دمشق.
أما إيران والمجموعات المتحالفة معها، لا سيما «حزب الله» اللبناني، فقد تعرّضت لضربات كبيرة من إسرائيل، على خلفية الحرب في قطاع غزة ثم بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية المدعومة من إيران في لبنان. اما حزب الله الذي دعم الأسد ميدانياً منذ بداية الثورة، وتحديداً بعد عامين أي عام 2013، حين أرسل آلاف المقاتلين عبر الحدود، فإنه خرج من جنوب لبنان منهكاً يقول: «اللهم نفسي»! وكان «الحزبى قد نقل العديد من مقاتليه من سوريا الى جنوب لبنان لمواجهة إسرائيل ما أضعف وجوده في سوريا.
باختصار شديد… إنّ ما قام به السفاح بشار الأسد في سوريا، ولّد نقمة شديدة عليه. إذ سهّل عملية إسقاطه… ومن ثمّ لجأ الى الهرب خوفاً من شعبه.
وهنا لا بدّ من القول: إنّ فرار بشار لا يعفيه من مسؤولية ما ارتكبته يداه بشعبه… وما فعله نظامه الديكتاتوري الفاشي بالبلد. لذا فإنّ عملية فراره الى موسكو… وإن أسعدت كل مظلوم مكلوم بسبب سياسة بشار الخرقاء، إلاّ أنه لا يشفي غليل اليتامى والأرامل وذوي الضحايا الذين عانوا من ظلم بشار وجبروته…
الحلّ الوحيد هو أن «بشار» يجب أن يحاكم… وهو لن يسلم من العقاب الصارم… دنيوياً… هذا بالاضافة الى عدالة السماء التي ستقتص منه -ولا شك- فالله لا يرحم الظالمين. وبشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين.