رفع الحدّ الأدنى للأجور، هل يخرج الدخان الأبيض في 7 أيار؟

الأسمر "للشرق" هناك تباعدا كبيرا في الأرقام بين الإتحاد العام والهيئات الإقتصادية

كتبت ريتا شمعون

أعلن وزير العمل محمد حيدر في بيان تأجيل اجتماع لجنة المؤشر الذي كان من المقرر عقده اليوم الإثنين في 28 من الحالي الى يوم الأربعاء 7 أيار 2025، إفساحا في المجال أمام مزيد من المشاورات بين مختلف الأطراف المعنية، بهدف التوصل الى افضل صيغة ممكنة تتعلق بمسألة رفع الحدّ الأدنى للأجور، بما يضمن العدالة للعاملين في لبنان.

لكن، على الرغم من الإتصالات والإجتماعات المتكررة بين الهيئات الإقتصادية والإتحاد العمالي العام، لم يتوصل الجانبان حتى كتابة هذه السطور، الى نتائج ترضي الطرفين خصوصا أن القطاعات الإقتصادية تعاني مثل غيرها من واقع الأزمة الإقتصادية-الأمنية والإجتماعية.

وفي خطوة تأخرت كثيرا، تمّ اتخاذ قرار في العام 2024 برفع الحدّ الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص الى 18 مليون ليرة، وهو ما يعادل حوالى 200 دولار أميركي وفقا لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، ورغم أهمية هذا القرار إلا أنه لم يشمل القطاع العام، الذي لا يزال موظفوه يعانون من تدهور كبير في قيمة رواتبهم ،ذلك ، ان قيمة الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص 18 مليون ليرة لبنانية، بالنظر الى الإرتفاع الجنوني في الأسعار وتكاليف المعيشة، تشكل اليوم محل نقاش حول مدى قدرتها  على تحقيق تحسين ملموس في حياة العاملين وأسرهم.

ليعود ملف الأجور ليفرض نفسه من جديد على الساحة العمالية، ذلك بعد ان ترأس وزير العمل محمد حيدر، إجتماعا للجنة المؤشر وقد خصص لبحث معالجة أوضاع رواتب وأجور العاملين في القطاع الخاص.وكانت المناقشات قد شهدت حوارات غير مجدية، فالإتحاد العمالي العام يرى أن الفرصة أصبحت مناسبة لاعادة فتح الملف بشكل جدّي مما يضمن تحقيق العدالة الإجتماعية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، الأمر الذي سينعكس إيجابا على العجلة الإقتصادية في البلد، وفق ما قاله رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر.

أما الهيئات الإقتصادية وفي ورقتها المتعلقة بالحدّ الأدنى للأجور، وضعت شروطا، أولها أنها لن تقبل بمفعول رجعي، مع الأخذ بعين الإعتبارقدرة المؤسسات على تلبية زيادة الحد الأدنى للأجور، مؤكدة رفضها للأرقام المتداولة ، ذلك، أن أوضاع المناطق تختلف فيما بينها وليس كلها متشابهة للوضع في بيروت وجبل لبنان خصوصا التي تمّ ضربها أثناء العدوان الإسرائيلي.

إذاً، هناك تباين واضح بين الإتحاد العمالي العام والهيئات الإقتصادية، لكن النية موجودة لاتخاذ قرار برفع الحدّ الأدنى للأجور للقطاع الخاص، شرط ان تكون مدروسة، فهل يخرج الدخان الأبيض في الموعد الجديد في 7 أيار المقبل؟

في هذا السياق، يؤكد رئيس الإتحاد العمالي العام في لبنان الدكتور بشارة الأسمر، في حديث لجريدة ” الشرق” أن هناك توافقا عاما على صعوبة رفع الحدّ الأدنى للأجور بالرقم الذي اقترحه الإتحاد العمالي العام، أوالرقم المفترض تحديده للحد الأدنى أي حوالى $900 مؤكدا أن هناك تباعدا كبيرا في الأرقام بين الإتحاد والهيئات الإقتصادية بشأن الحدّ الأدنى للأجور ما يستدعي مزيدا من المشاورات للوصول الى صيغة توافقية.

وقال، حاليا هناك نقاش دائم ومفتوح بيننا كاتحاد عمالي عام وبين الهيئات الإقتصادية بحيث لكل طرف أرقامه ، نحن في الإتحاد نطرح رقما مستندا الى الضغوط الكبيرة بسبب الأزمة الإقتصادية المستمرة، والتفلت الهائل في الأسعار في كل القطاعات الغذائية والسياحية  مضيفا: عندما طالبنا بحوالى 900 دولار أخذنا بالإعتبار أيضا الصعوبات التي تواجه بعض أرباب العمل، لافتا الى ان الحدّ الأدنى يجب ان ترافقه تقديمات صحية واجتماعية  مثل، رفع قيمة بدل التعليم ، وزيادة قيمة التعويضات العائلية ، ودراسة وضع التقديمات الإجتماعية والصحية وبدل النقل، وهذه كلها معدومة في لبنان.

ويعتبر الأسمر، ان الزيادات المفترض أن تحصل على الرواتب بالقطاع العام ، والرواتب في القطاع الخاص ، ورواتب العسكريين المتقاعدين التي أصبحت رواتبهم وتعويضاتهم لا تساوي شيئا منذ الأزمة حتى اليوم، يجب معالجتها بما يتناسب مع الوضع الإقتصادي الصعب الذي نعيشه، بالتالي بات المطلوب في هذا الإطار مراجعة الرواتب بشكل خاص والإنطلاق نحو تصحيح فعلي لها، مشددا على ضرورة ضمّ ما يسمى بالمساعدات الإجتماعية الى صلب الراتب على مستوى القطاع العام سواء إن كان جزء منها أو بأكملها، حتى تتحسن التعويضات، مؤكدا أن الملف ما زال في مرحلة المفاوضات.

ولفت الأسمر، الى ان  تكلفة المعيشة لأسرة لبنانية مكونة من أربعة أشخاص تحتاج الى 900$ شهريا بحسب ورقة عمل الإتحاد العمالي التي تبين أن الحدّ الأدنى يجب أن يتراوح بين 700$ و900$ وذلك بحسب الدراسات في المناطق، على سبيل المثال،  في مدينة بيروت كلفة المعيشة من السكن والإتصالات والمياه والكهرباء والمولدات وغيرها من الخدمات تصل الى 500دولار من دون السلّة الغذائية والنقل والمدارس، مؤكدا ان النسب التي حدّدها الإتحاد العمالي مقبولة جداً.

وأضاف: بلغة الأرقام يصل عدد العاملين في القطاع الخاص في لبنان الى 450 ألف عامل، فهل يجوز التضحية بهم ؟ بالطبع لا، هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق.

في نهاية المطاف، نحن ملزمون بالعمل للوصول الى رفع الحّد الأدنى للأجور، فالعاملون في لبنان عانوا دائما من التهميش وغياب الحماية الإجتماعية وظروف عمل غير مستقرة، تأثروا أكثر من غيرهم بسبب الصرف وتراجع قيمة الأجور والحرب، عوامل، كلها ساهمت في تعميق هذه المعاناة.

وقال: هناك عدة أسباب تؤدي الى قرار رفع الحدّ الأدنى منها الأكلاف الدراسية، حيث تبدو أرقام المنح الدراسية  في المدرسة الرسمية 4 ملايين ليرة على كل تلميذ الى حدود الأربعة تلاميذ، وفي المدرسة الخاصة 12 مليون ليرة الى حدود 3 تلاميذ هزيلة جدا.عمليا يجب مضاعفة هذه الأرقام.

ويرى الأسمر، أن الحدّ الأدنى للأجور الإلتزام به واجب لكل المؤسسات في لبنان، مستغربا رفض الهيئات الإقتصادية رفع الحدّ الأدنى  الى النسبة التي حدّدها الإتحاد العمالي بحجة أن ذلك قد يؤدي الى إغلاق بعض المؤسسات،  مع تأكيدنا أن  القطاع الخاص يعاني من الأوضاع الإقتصادية خصوصا في مناطق الأطراف سواء في الشمال أو عكار أو الجنوب، واستعدادنا الكامل للحوار حول هذا الملف أو حتى حول الرقم.

وفي رأينا، والأهم من ذلك كلّه، يقول الأسمر، هناك مشكلة أساسية، ليس الضمان سببها، نعاني منها بسبب عدم التصريح عن الأجور الحقيقية لافتا الى ان الضمان الإجتماعي يقوم بتحصيل 10% من الإشتراكات الواجب تحصيلها  من بعض المؤسسات بدلا من تحصيل الإشتراكات اللازمة، بالتالي، هناك 90% من الأجور غيرمصرح عنها، سائلاً: من أين يستطيع الضمان الإجتماعي أن يحضر الأموال لكي يعيد الدفع للمواطنين كما كان يحصل في السابق؟