حزب الله عائد بقطار نواف سلام فأين الرئيس جوزف عون؟

بقلم المحامي

د. عبد الحميد الأحدب

سنة 1958 كان كميل شمعون يسير في خط حلف بغداد، فاندلعت ثورة في لبنان ثم إذا بثورة تندلع في بغداد وتطيح بحلف بغداد وبنوري السعيد، فاهتزت الدنيا ونزل الأسطول السادس في لبنان! وأدت الثورة في بغداد الى سقوط الرئيس كميل شمعون بعدم التجديد له، وانتخاب قائد الجيش فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية من المجلس النيابي الشمعوني في ذلك الوقت، الذي كان يتحضر للتجديد للرئيس شمعون!

وكان انتخاب المجلس النيابي الشمعوني لفؤاد شهاب الذي رفض امر شمعون بقمع الثورة، كان الانتخاب نتيجة توافق بين عبد الناصر وأميركا!

سنة 2024 كان الحاكم هو حزب الله بمساندة ودعم نظام بشار الأسد في سوريا. فسقط نظام الأسد في سوريا وإذ ذاك اجتمع البرلمان بعد سنتين من التعطيل وانتخب قائد الجيش جوزف عون رئيساً للجمهورية، وهو القائد الذي رفض امر ميشال عون بقمع الثورة التي نشبت قبل اربع سنوات.

سنة 1958 لم يجدِّد لكميل شمعون، وسنة 2025 يريد نواف سلام ان يجدد لحزب الله ليعود الى حكم لبنان، وكأن جوزف عون لم ينتخب ولا علقت آمال 90% من اللبنانيين على التغيير وعلى اقصاء حزب الله من السلطة بنتيجة سقوط سنده السوري البعثي!

فلماذا يا نواف سلام!

لعل الخطيئة الكبيرة التي ارتكبتها المعارضة كانت بتسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، متطلعة الى حاضره في رئاسة محكمة العدل الدولية، متجاهلة ماضيه مع المنظمات الفلسطينية وأقصى اليسار اللبناني، والمنظمات الفلسطينية جاءت الى لبنان بعد الحرب وأعلنت انها ارتكبت أخطاء بعد “اتفاق القاهرة” وطلبت السماح من الشعب اللبناني!

عودة حزب الله الى الحكم ووزارة المالية لنبيه بري، تعيد وضع لبنان الى ما كان عليه في حكومة مثل حكومات حزب الله السابقة، المسؤولة عن الانهيار المالي وعن انهيار الدولة وعن الحرب في مساندة غزة! وهي المسؤولة عن إعادة الإعمار وعن اصلاح الدولة وعن إعادة العلاقات مع الدول العربية والغربية التي ساندت انتقال السلطة وانتخاب جوزف عون.

فكيف يمكن ان يتم الإصلاح على يد الذين تولوا الهدم؟

نواف سلام يحاول إعادة عقارب الساعة الى الوراء، وإعادة حزب الله الى السلطة، وقد مكّنت الرعاية الدولية لبنان من الخروج من سلطة حزب الله بانتخاب جوزف عون الذي أعلن في خطاب القسم خطة الإصلاح.

حكومة لا تستطيع إعادة الإعمار لأن الدول المانحة لها شروطها على ضوء تجارب الماضي، وهي لن تعطي حكومة فيها حزب الله، وقالت ذلك بصراحة وبالفم المليان!

واتفاق تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 الذي وقعه حزب الله! كيف سيُطبق على حزب الله وعلى سلاحه وهو في السلطة؟ أسئلة لا تُطرح على نواف سلام ولكنها تُطرح على الذين جاؤوا بنواف سلام!

حكومة اقصاء القوات اللبنانية التي عارضت واسقطت حزب الله، الإقصاء، نعم لحزب الله الذي خسر المعركة حين سقط سنده النظام السوري، وحين خسر الحرب بويلاتها وبالدمار الذي لحق بالبلد، اقصاء الهدر الذي ارتكبته حكومات حزب الله والتيار الوطني الحر.

الرئيس جوزف عون بحاجة الى رياض الصلح وصائب سلام ليكمله وليعيد اعمار لبنان وتطهير دولته واعادته الى السكة العربية.

لبنان ليس بحاجة الى محاضر ولا الى قاضي، بل هو بحاجة الى سياسي ثوري يحقق اقصاء حزب الله وعهده، ويدشن عهداً جديداً يعيد الى لبنان صفاءه وامنه وازدهاره ويعيد اللبنانيين الى لبنان.

اذا صدرت مراسيم الوزارة التي طبخها نواف سلام، فعلى لبنان السلام!

أملنا كبير في الرئيس جوزف عون وفي خطاب القسم، لأن وزارة نواف سلام بحزب الله هي نقيض خطاب القسم بكل الآمال التي وعد بها اللبنانيين.

اذا كانت الحكومة التي يُعدّها نواف سلام ستنال ثقة البرلمان، الا انها لن تنال ثقة الرأي العام، وستكون فرصة ضائعة، تضيع كل الجهود العربية والدولية التي بذلت من اجل اخراجنا من مستنقع حزب الله، ولا يجب ان ينسى نواف سلام انه بحكومة حزب الله سيكون في وضع غير مريح مع سوريا، لأن حزب الله هو الذي خاض معركة مع الشعب السوري لإنقاذ بشار الأسد من الثورة، وكلفت حملة حزب الله الإيرانية في انقاذ الأسد ومنع سقوطه ألوف الضحايا السوريين الذين جاءت احزابهم اليوم الى السلطة في دمشق.

فالمشكلة مع نواف سلام في حكومة ضد اللبنانيين وضد سوريا وضد الدول العربية والغربية التي ساعدتنا على الخروج من الجحيم الذي يعيدنا اليه المحاضر والقاضي نواف سلام، الذي غلب ماضيه على حاضره.

لبنان على مفترق طرق، ويجري اعداد حكومة له تأتي ضد التاريخ، وضد خطاب القسم!

والكلمة الآن للرئيس جوزف عون!

والمخرج الوحيد هو في اعتذار نواف سلام وتكليف العهد الجديد لأشرف ريفي ليعود الوضع الى الصواب ونأمن شرور مشروع نواف سلام.

د. عبد الحميد الأحدب