المهندس بسام برغوت
الاثنين 8 تموز 2024م بداية السنة الهجرية الجديدة 1446هـ، فما هي قصة هذا التقويم؟
كانت دولة الخلافة الإسلامية بلا تقويم وتاريخ حتى عهد الخليفة الثاني الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاعتمد حادثة الهجرة العظيمة بداية للتقويم الهجري لدولة الإسلام، كما تم اختيار شهر “ محرم “ كبداية للعام وأول شهوره . وكان هذا الاجراء المفصلي بمثابة إعلان هوية الأمة الاسلامية واستقلاليتها عن الأمم .
كان العرب قبل الاسلام يؤرخون بالاحداث، فكانوا يقولون – مثلاً: -عام بناء الكعبة عام الفجار, عام الفيل,عام سيل العرم وبعد ان بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم وظهر الاسلام في مكة المكرمة، هاجر المسلمون الى المدينة المنورة، واصبح لهم كيان مستقل، فصاروا يطلقون على كل سنة من السنوات اسماً خاصاً متعلقاً بالحدث فكانوا يقولون – مثلاً: – عام الخندق وكانوا قد اطلقوا على بعض الاعوام في مكة المكرمة بعد ظهور الاسلام وقبل هجرتهم، اسماء خاصة،فكانوا يقولون- مثلاً:- عام الحزن – عام الوداع –عام الرماده وغيرها من الالقاب التي كانت ترتبط بحدثٍ تميز به ذلك العام.
سُميت السنة الهجرية بهذا الاسم اشارة الى الهجرة النبوية المباركة للرسول محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم وذلك من “ ام القرى “ مكة المكرمة الى المدينة المنورة، وقد تم اعتماد ذلك في السنة الثالثة من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما يعني ان اعتماد هذا التقويم بدأ بعد مرور 17 عاماً على هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ارسل اليه الصحابي أبو موسى الاشعري، (امير البصره)، خطاباً مؤرخاً في شهر “شعبان“ دون تحديد السنة مخاطباً إياه:- يا أمير المؤمنين، تأتينا الكتب وقد أُرِّخَ بها في شعبان، ولا تدري أي شعبان هذا ؟ هل هو في السنة الماضية ؟ او في السنة التي ستليه؟
عمد الخليفة عمر الى استشارة الصحابة رضوان الله عليهم في ذلك الشأن وبحث الامر مع الصحابيين عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب فتفاوتت الاراء، منهم من اقترح بأن يؤُخذ بتاريخ مولد الرسول كبداية للتقويم، إقترح اخرون ان يؤخذ بتاريخ وفاته . جرى الاخذُ بالرأي الاغلب وتم الاتفاق على اعتبار السنة التي هاجر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة الى المدينة المنورة بداية التقويم،وذلك تقديراً وتثميناً للمعاني و للاثار الكبيرة لهذا الحدث على مسيرة الدين الاسلامي الحنيف. فكان “التقويم الهجر “ واختير شهر “محرم” كبداية للسنة وشهر “ذي الحجة” نهاية لها، ومن هنا انطلق التقويم والتي صادف عام 622 ميلادي لتصُبح السنة الاولى في التاريخ الهجري.
يتكون التقويم الميلادي من أثني عشر شهراً ميلادياً، بينما يتكون التقويم الهجري من أثني عشر شهراً قمرياً.
على الرغم من أن عدد أشهر السنة الهجرية مساوٍ لعدد أشهر السنة الميلادية، الا ان عدد أيام السنة الهجرية، والذي هو:354 يوماً و 8 ساعات و48 دقيقة (354.367056 يوماً )، ينقص، عن عدد ايام السنة الميلادية والذي هو: 365 يوماً و 6 ساعات(365.2425 يوماً)، بحوالي 11 يوماً (10.875444 يوماً).
يجعل هذا الاختلاف في عدد الايام التزامن بين التقويمين مستحيلاً .
إن عدد ايام اشهر السنة الميلادية يتراوح ما بين 30 و 31 يوماً اما عدد ايام اشهر السنة الهجرية فتتراوح ما بين 29 و 30 يوماً : إن السبب في ذلك هو أن دورة القمر حول الأرض تتم في 29 يوماً ونصف اليوم.
تنقسم الاشهر الهجرية الى اشهر “حُرُمٌ” واَشهر “حِلُّ”:
– الاشهر “الحُرم” وعددها (4) وهي ذو القعدة، ذو الحجة، محرم ورجب (سميت كذلك لان القتال فيها كان محرماً عند العرب في الاسلام وقبله في الجاهلية).
– الاشهر “الحِلّ” وعددها (8) وهي صفر وربيع الاول وربيع الاخر وجمادى الاول وجمادى الاخرى وشعبان ورمضـــان وشــوال (سميت كذلك لان القتال فيها كان حلالاً عند العرب في الاسلام وقبله في الجاهلية).
ان لكل شهر من الاشهر الهجرية معنى يحمل اسمه وهي كالآتي :
1- محــــــــــــــــرم لان العرب كانوا يحرّمون القتال فيه.
2- صفـــــــــــــــــر لأن ديار العرب كانت تخلو من أهلها فيه للحرب
3- ربيـــــــع الاول لأن تسميته جاءت في الربيع فلزمه ذلك الاسم.
4- ربيــــــع الاخـر لأنه يتبع الربيع الأوّل.
5- جمادى الاولـــى وسُمّيت جمادى لوقوعها في الشتاء.
6- جمادى الاخــرى سُمّي بذلكَ لأنّه تبع الشّهر المسمّى بجمادى الأولى.
7- رجــــــــــــــــــب لأنه من الأشهر الحُرم وقيل: رجباً أي التوقف عن القتال.
8- شعبــــــــــــــــان لأن الناس تتفرّق فيه ويتشعبون طلبا للماء .
9- رمضــــــــــــــان وهو شهر الصّوم عند المسلمين.
10- شــــــــــــــوال وسُمّي بذلك لشولان النوق فيه بأذنابها إذا حملت «أي هزلت وجفّ لبنها».
11- ذو القعـــــــدة لأنه أول الأشهر الحرم وفيه تقعد الناس عن الحرب.
12- ذو الحجـــــــة وفيه موسم الحج وعيد الأضحى ومن الأشهر الحرم.
ختاماً، ان اعتماد التاريخ الهجري للدولة الإسلامية كان أكثر من ضرورة دينية وإدارية ومالية واقتصادية وسياسية وعسكرية وتربوية وسواها، وذلك بهدف تنظيم أوضاع الدولة الإسلامية بما فيه تنظيم أوضاع الدواوين ، ورواتب الجند، والأمور المتعلقة بالشؤون الشرعية، والدينية، والفقهية، وما في حكمها من زكاة سنوية، وصدقات، وجبايات، فضلا عن تحديد المناسبات الدينية في السنة الهجرية، كما ان من الأهمية بمكان القول ان اعتماد هذا التقويم يعتبر مفصلاً تاريخياً في حياة المسلمين والدعوة الإسلامية .
المهندس بسام برغوت