المهندس بسام برغوت
لا شك أنّ للكلمة الطيبة أهمية عظيمة وأثر كبير على نفسية قائلها وسامعها، ولذلك حثّ الإسلام على التجمّل بها؛ لأنها تؤدي إلى تآلف القلوب، وشيوع المحبة بين الناس، فيوضع لصاحبها القبول في الأرض، كما يحظى باحترام وتقدير الناس، وبالكلمة الطيبة تجتمع كلمة المجتمع، وتتآلف القلوب، وتتوحد الصفوف، وبها تنتصر عزائم الانسان، وتسمو مكانته، ويقوى جانبه، من خلال الالتزام بالحوار البنّاء الهادف.
بيّن القرآن الكريم أهمية الكلمة الطيبة، وبيّن الاثر الطيب المترتب عليها، والخير المستمر بها، وبيّن بالمقابل خطورة الكلمة الخبيثة والضرر المترتب عليها، قال الله تعالى: “ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُها ثابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ” (سورة ابراهيم ) . وقد شبه الله الكلمة الطيبة بشجرة النخلة الطيبة الأصل ذات الفرع الثابت التي تؤتي ثماراً طيبة على من يألفها، وبها يُرفَع قدره عند الله وعند الناس، وبها ينال ثوابه عند ربه.
وشبهت الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة، والتي قيل أنها هي النخلة الموصوفة بصفات الكمال والتمام، والمتمثلة في أنّها:
شجرة طيبة في الشكل، والمظهر والرائحة والطعم.
شجرة لها فائدة صحية وغذائية، تتلذّذ بالأكل منها .
تكمن أهمية الكلمة الطيبة في العديد من الأمور الحسنة، يُذكر منها:
بالكلمة الطيبة ننال الأجر: المسلم حريص بطبعه على الاستزادة من الأجور، ولذلك تراه يسعى في تحري الخير في الأعمال التي تقربه إلى رضا الله سبحانه وتعالى، وقد يغفل البعض عن أنه قادر على الحصول على أجر عظيم بواسطة لسانه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”الكلمةُ الطَّيِّبةُ صدَقةٌ “.
الكلمة الطيبة لها أثرٌ عظيمٌ في ميزان الإنسان عند الله تعالى، وكم من كلمة خيرٍ ألقاها شخصٌ ولم يُعِرْها اهتماماً، وكانت كفيلة بتغيير حياة إنسان وتبديل تصرفاته، كيف لا وقد كان سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المشركين هو الكلام الطيب؛ دعوةً إلى عبادة الله، وحثاً على فعل الخير.
الكلمة الطيبة أساس العلاقات الطيبة بين الناس : مَن أراد مفتاح القلوب فعليه بأطايب الكلام، فكم من كلمةٍ غيّرت نفسية المخاطب بها، وكم من كلمةٍ جمعت الناس على فعل خير، وكم من كلمةٍ عصمت الدماء، وقد وجّه الشرع الحكيم إلى اختيار أحسن الكلام عند مخاطبة الناس لِما له من أثر طيب على الآخرين. قال الله تعالى: “ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا “ (سورة البقرة )، فانظر كيف جاء الأمر بها في الآية الكريمة، فهي تجعل من العدو صديقاً، ومن الصديق حميماً.
الكلمة الطيبة صدقة : الكلمة الطيبة منحة من الله تعالى، وعلى المسلم أن يعوّد لسانه عليها، وذلك بانتقاء ألفاظه، وحسن استخدام الوقت والمكان المناسب لها، فيخاطب الآخرين بأطيب الكلام مهما اختلفت مواقعهم، ويخاطب بها مسؤوله ومن هو في مرتبته ومن هو دون ذلك، لذا يقول الإمام علي رضي الله عنه: “إنكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم، ولكن سعوهم بأخلاقكم” . وللكلمة الطيبة أثر، وأثرها يبقى مدة طويلة، ألا ترى أن أقوال أهل الخير من العلماء وغيرهم ما زالت محفوظة إلى اليوم، وما زال يرددها الكبير والصغير .
الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة : ضرب الله مثلا للكلمة الطيبة ووصفها بشجرة طيبة، قال تعالى في سورة إبراهيم: “ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ” ، وفي هذا المثال وصفٌ للشجرة بأنها شجرة طيبة الرائحة والطعم والمذاق، جميلة المنظر والشكل، وأصلها ثابت لا يتزحزح، وهي شامخة في السماء، وثمرها دائم. فهذا وصف قرآني بليغ للكلمة الطيبة، بتشبيهها بأوصاف النخلة الطيبة، فالكلمة الطيبة جميلة المعنى، حسنة الوقع على الأذن، وهي قوية راسخة لا ينازعها شيء، واضحة للآخرين، ومفهومة المعنى، وأثرها دائم لا ينقطع.
الكلمة الطيبة تُعد غذاء للروح .
الكلمة الطيبة تُعد أساس متين تبنى عليه علاقات الحب، والمودة، والرحمة بين الناس.
الكلمة الطيبة تعمل على تأليف القلوب، وتعارفها.
بالكلمة الطيبة يعود النفع والخير على صاحبها في حياته وبعد مماته.
الكلمة الطيبة سبب لنيل رضى الله ومحبته، ورفع درجة المؤمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ”.
ختاماً،
إن الكلمة الطيبة مفتاح العلاقات الجيدة مع الآخرين، وهي العنوان الرئيسي لأي نقاشٍ ناجح، وقد أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “ الكلمةُ الطَّيِّبةُ صدَقةٌ “ ، وهي مفتاح لكل خير، ودافعة للشر، قال تعالى: “ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ “ (سورة فصلت ) ، وهي تكسب الود والمحبة بين الناس. وللكلمة أهمية كبيرة في الإسلام، ولذلك كان القرآن والسنة زاخرين بالحث على الكلام الطيب والدعوة إليه، قال الله تعالى: “مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ”. (سورة ق)
نسأل الله تعالى أن يعيننا على أطيب الكلام وأرقى العبارات لتتآلف قلوبنا وتتوحد صفوفنا وتصلح أحوالنا.
بسام برغوت