لم يترك اللبنانيون، مكاناً في تاريخ الخرافات، لم يُنقبوا فيه، بحثاً عن خاتم سليمان ومصباح علاء الدين… إلاّ أنهم لم يعثروا على الخاتم، ولا على المصباح.
وهكذا لم يظهر مارد “شبيك لبيك”… ولهذا فقدَ خطاب قسم فخامة الرئيس، وفقدت معه طروحات دولة الرئيس، القدرة على إنجاز ما تعهد به فخامته، وما وعد به دولته… وكأنهما لم يسمعا “شبيك لبيك” التي أطلقها الشعب اللبناني… وكأنهما لم يشاهدا المارد الخليجي والأميركي والأوروبي، يدفع بهما إلى اتخاذ القرارات، التي يقرّها الدستور، وتحمي شرعيتها الكوارث، التي تستبيح المحظورات والأعراف.
ترى ما سر التردد والتودد، وقد خص الرئيسان بهما الثنائي الشيعي؟.
هل سر هذا “التدليع” الخوف من اندلاع الشارع؟.
هل فعلت مسيرات الموتسيكلات فعلها؟.
هل لم يزل ماضي القوة ماضياً في فرض ما يفترض، أنه أصيب بالهزال… وربما الانقراض؟.
أسرار لا تسر… وسواء أعلنت أو كتمت، فهي عودة إلى الطائفية، التي وعدنا الرئيسان بإلغائها، تطبيقاً لالتزامهما باتفاق الطائف.
إلتزام يبدو أنه كان طيفاً وضيفاً على خطاب القسم ووعود التكليف.
وأخذاً بتعدد المعايير وعدّتها المذهبية، يجد الطامح إلى دولة مدنية نفسه قد انزلق، كارهاً ومكرهاً، إلى الواقعية اللبنانية، التي وقعت بين أنياب المذاهب القاضمة للدستور، والقاضية على استقرار، إن لم تمزقه المذهبيات اليوم، ستمزقه خلافاتها غداً.
وبما أننا تقاسمنا الله بيننا، وقسّم الدين ما بيننا، سنحاكي الوضع بلغته المذهبية السائدة باجماع أصحاب النفوذ والتنفيذ.
ولأنني “سني” الهوية، لا الهوى، أشعر أن “هويتي المذهبية” تتعرض للهوان والإهانة.
هي الآن في مباحثات التأليف تُعامل ككومبارس، في مسرحية بطلها الشيعي، وضيوف شرفها الماروني والدرزي والأرمني ومن تفرضه المجاملات السياسية من مذاهب أخرى.
ربما تستحق السنية السياسية ذلك. فمنذ أن علّق سعد الحريري نشاطه السياسي، نشطت زواريبها فانشطر المذهب الأكبر في لبنان وتشظى مستولداً نواب الزواريب.
وبغياب نواب سنة الوطن، غاب الدور في التأليف الحكومي، وبغياب الشيخ سعد، غاب الدور في التآلف بين المختلفين على جبنة الـ “24” وزيراً.
لبنان يحتاج إلى ماضي وريث رفيق الحريري في إصلاح ما أفسدته المصالح.
وتفاؤل اللبنانيون بعهد جوزيف عون وحكومة نواف سلام، يحتاج إلى سعد الحريري راعي مذهب الإعتدال…
يا أيها العائد إلينا بزيارته السنوية، تذكر أنك لست ثانوياً في المعادلة اللبنانية… فـ “خير الأمور بيت الوسط”.
وليد الحسيني