من يملك الخبر اليقين؟.
تصريحـــات الألسنـــة الإسرائيليـة الفالتــــــة من عقالها، أم أسلحة الساحات المقيّدة بقواعد اشتباكها؟.
يقولون مفتاح الشر كلمة.
… وكلمات الحرب بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، «على قفا من يشيل».
لكن منْ من الإثنين بمقدوره أن يشيل وزر دمار ودماء واقعة الحرب الشاملة إذا وقعت؟.
المتقـاذفــان، ســـــواء بالتصريحات النارية، أو بنيران المقذوفات، يعيشان هلعاً متبادلاً، يتخفى بوعيد بلا مواعيد.
يبقى السؤال: هل الهلع يردع؟… أم أنه سبب حتمي لاندلاع الحرب؟.
إن تاريخ الحروب يؤكد استحالة العيش في رعب دائم… فماذا لو كانت الحرب كـ «الكي» آخر الأدوية… أليس وقوعها خيراً من انتظارها، كما يقال في مثل هذه الحالات؟.
وماذا لو كان الذي نخشى أن يكون؟.
عندئذ، لن يستثني الخراب أحداً… فأمام الصواريخ العابرة لـ «الخط الأممي الأزرق»، ولـ «خط الاستقرار الأحمر»، يتساوى أولاد الست مع أولاد الجارية.
مواجهات الأشهر الثمانية الماضية تخبرنا، أنه كما بمقدور إسرائيل تكرار نموذج غزة في بيروت وضاحيتها وجنوب لبنان، بمقدور حزب الله أيضاً تكرار النموذج نفسه في تل أبيب وحيفا ومستوطنات الجليل.
مع توازن الرعب هذا، الخشية كل الخشية، أن تفقد المنطقة والمنطق التوازن بين الحكمة والجنون.
من الطبيعي أن تجنح الأحداث نحو الجنون. فهو أبلغ تعبيراً عن «القوة والكرامة». والأقدر على وصم الحكمة بالجبن، والانزلاق نحو الذل والاستسلام… وربما العمالة كذلك!.
هذا يعني أن لجنون نتنياهو مبررات، تقوده إلى توريط المنطقة في حرب، عنوانها الرئيسي مواجهة حزب الله، إلا أن لها، في حساباته، عناوين ومآرب أخرى.
وتمسكاً بأسطورة «الجيش الذي لا يقهر» ينتشل نتنياهو من خرافات العهد القديم خرافة «شمشون الجبار» كبطل شعبي من إسرائيل، يتمتع بقوة هائلة، مكّنته من هدم المعبد على رؤوس الفلسطينيين، صارخاً «عليّ وعلى أعدائي يا رب».
إلا أن نتنياهو ما فقئت عيناه، كشمشون، ولا يمكن وصفه بالأعمى، كما يحلو لنا أن نراه.
هو يرى بوضوح، أن خسائر فادحة ستصيب إسرائيل في حربها على لبنان، لكنها خسائر يستطيع تعويضها بعلاقات إسرائيل الدولية الفوقية… فمتطلبات التعويض وإعادة الإعمار أحكام إسرائيلية مبرمة، وملزمة للدول الثرية في الغرب والشرق.
أما المآرب الأخرى، فقد تكون أكثر ضرورة من منازلة حزب الله، وقد تكون أيضاً أشد ضراوة.
لا شك أن استراتيجية إسرائيل الأولى تتمثل في المحافظة على «معدتها الجغرافية المطاطية»… وهي معدة تتسع كلما اتسعت مبادرات السلام العربية… فبحرب لبنان يحال حل الدولتين إلى النسيان المزمن مجدداً.
وبحرب لبنان يحسم نتنياهو هزيمة بايدن، منتصراً لحليفه ترامب في معركة الرئاسة الأميركية. فالرئيس بايدن سيجد نفسه مجروراً إلى حرب لا يريدها في توقيت انتخابي قاتل.
وبحرب لبنان سيضيع جهد المفاوضات بين الحزب الديمقراطي الأميركي وبين دولة ولاية الفقيه… وستسقط في مسقط كل التسويات السرية، وبالتالي، ستحجب جوائز الترضية في المنقطة عن إيران.
لهذه المآرب، الحرب آتية لا محالة.
ويا خبر اليوم ببلاش… غداً بكثير الكثير من التدمير والدم.
وليد الحسيني