كتب عوني الكعكي:
ما قاله الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، والذي سيتسلم الحكم في 2025/1/20، أدهشني… لكني أرى أنه يقول كلمة حق.
في الحقيقة، أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن أخطأ بغزوه العراق، إذ ادعى أن هناك ثلاثة أسباب للغزو، تبيّـن أنها غير صحيحة.
ادعى بوش أن السبب الأول هو أن لدى النظام في العراق أسلحة دمار شامل… وقد تبيّـن زيفها.
ثانياً: ادعى أن هناك قوات متطرفة من جماعة الأصوليين… وقد تبيّـن أن هذا السبب أيضاً محض افتراء.
ثالثاً: ادعى أن الشعب العراقي ينتظر من يحرّره، وأنّ شعب العراق سوف يستقبل القوات الأميركية الغازية بالزهور والورود.
وفي ذلك الوقت، كتبت مجلة «كريستيان ساينس مونيتور» أن الأسباب الثلاثة التي ادعى بوش بأنها سبب غزوه العراق كانت غير صحيحة، وهنا التفصيل:
أولاً: الادعاء بأنّ هناك أسلحة دمار شامل، تبيّـن أن هذا الكلام غير صحيح.
ثانياً: لم يكن هناك أي قوات للإسلاميين المتطرفين، بل العكس، جاء الإسلاميون بعد الاحتلال الأميركي.
ثالثاً: لم يستقبل الشعب العراقي القوات الأميركية بالورود والزهور بل بالقنابل والقذائف.
انطلاقاً مما ذكرته في هذه المقدمة، أعود الى ما قاله ترامب قبل أيام، وإلى التهديد الذي وجهه للميليشيات العراقية، التي هدّد بسحقها إذا لم تنفذ طلباته. فماذا قال؟
لقد وجه الرئيس الاميركي المنتخب إنذاراً حاسماً للميليشيات والحشود في العراق قبل تاريخ تسلمه السلطة في يناير 2025. ويضع رؤيته لمستقبل العراق.
ودعا ترامب الميليشيات والحشود المسلحة داخل العراق وخارجه الى الإسراع في حلّ قواتهم والتوجّه نحو إيران، قبل حلول موعد تسلمه سلطاته في 20 يناير المقبل. وقال ترامب: لا أعتقد أن هناك عاقلاً سيبقى بعد هذا التاريخ، لأنّ الأمور ستتغيّر جذرياً بعد ذلك.
وأشار ترامب الى أن رؤيته لحكم العراق تتضمن تعيين الرجل الأول لقيادة البلاد، شرط أن يكون مسلماً سنياً. كما تمّ طرح اسم جمال السلطان، أحد رفاق الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، كمرشح محتمل على طاولة قرارات ترامب.
وأبدى ترامب إعجابه الشديد بأسلوب حكم صدّام. مؤكداً أنه إذا حكم العراق، فسيتبع نهجاً مشابهاً. وقال: صدّام كان حازماً، وأنا أرى نفسي لو حكمت العراق، سأكون بالصرامة والوضوح اللذين تميّز بهما صدّام.
ترامب لم يتوقف عند هذا الحد، بل وجه انتقادات لاذعة للرئيس الاميركي الأسبق جورج بوش، محملاً إياه مسؤولية تدمير العراق. وهنا أجد نفسي أيضاً عند التعمق في هذا الموضوع أمام احتمالات عدة… فما هي؟
ثلاثة سيناريوهات تواجهها إدارة ترامب المقبلة للتعامل مع تصاعد التهديدات الإيرانية في المنطقة، من بينها شن هجوم ساحق على الميليشيات الموالية لطهران في العراق.
صحيفة «نيويورك تايمز» قالت في تقرير موسّع لها: إنّ إدارة ترامب التي ستتسلم الحكم في الولايات المتحدة في 20 كانون الاول (يناير) 2025 وضعت مخططاً للتصعيد في الحملة العسكرية المرتقبة في العراق والتحضير لشن عملية «لتدمير الميليشيات التابعة لإيران».
ويرى خبراء في الشأن العراقي، أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، سيتعامل بجدية أكبر مع الملف العراقي، وتحديداً مسألة وجود الميليشيات المسلحة، على غرار ما حصل خلال ولايته الأولى.
ولدى الميليشيات المسلحة في العراق، تجربة مريرة مع ولاية ترامب آنذاك (الأولى) حيث أطلقت الولايات المتحدة سلسلة هجمات على مواقع عسكرية تابعة للميليشيات في الداخل العراقي، خاصة ضد وحدات ميليشيا «كتائب حزب الله»، في منطقة القائم بمحافظة الأنبار، وقوات الحشد الشعبي بمنطقة جرف الصخر شمالي محافظة بابل.
وأدت هذه الهجمات -يومذاك- الى مقتل وإصابة العشرات من عناصر الميليشيات المسلحة، فضلاً عن مقتل عدد من القادة العسكريين أبرزهم قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس على مدخل مطار بغداد.
ولم تقتصر إجراءات ترامب آنذاك على الجانب العسكري، بل وضعت الإدارة الأميركية عدداً من قادة الميليشيات المسلحة على لائحة العقوبات الاقتصادية، فضلاً عن تجميد أموالهم في بنوك الولايات المتحدة، بهدف تقليص إمكانية الوصول الى مواردهم المالية.
إلى ذلك، أثيرت تساؤلات عن تعاطي إدارة ترامب الجديدة مع هذه الميليشيات هذه المرة، وفي ما إذا كانت ستتخذ إجراءات غير تقليدية.
ويؤكد محللون مراقبون أن إدارة ترامب ستتخذ نهجاً مغايراً عن مسار الديمقراطيين في ضبط هذه الميليشيات. إذ من الواضح أن تتخذ إدارة ترامب المقبلة خطوة متقدمة عبر اللجوء الى حسم عسكري عبر منح إسرائيل الضوء الأخضر لتكرار تجربة التعاطي مع ميليشيا حزب الله اللبناني، بالسلاح والقوة، خصوصاً ان لديها بنك أهداف واضح.
وما يعزز هذا الاعتقاد عدة أمور منها:
أولاً: اختيار الرئيس الأميركي الجديد السيناتور جيه دي فانس نائباً له، وهو مؤشر يوحي بتزايد التوقعات بشأن التعامل الجاد مع الميليشيات المسلحة العراقية، باعتبار أن فانس خدم سابقاً في الجيش الأميركي، ولديه تجربة واسعة مع هذه المجموعات التي كانت تنخرط في أنشطة عسكرية مختلفة.
ثانياً: يرى هؤلاء المراقبون، أن ما يزيد من احتمالية توجيه ضربة للميليشيات العراقية، هو تحركاتها الأخيرة لتنفيذ هجوم إيراني على إسرائيل بالنيابة.. حيث تصاعدت التهديدات الإسرائيلية لهذه المجموعات، بأنها ستواجه هجوماً من تلّ أبيب، ما استدعى تدخلاً من واشنطن.
ثالثاً: يرى هؤلاء أن قدوم ترامب سيفتح أبواب الجحيم على الميليشيات في الشرق الأوسط برمته وليس في العراق وحده. وهذا يأتي من رؤية الجمهوريين للتعاطي مع قضايا المنطقة، مشيرين الى ان الميليشيات في العراق ربما تكون أولوية بالنسبة للإدارة الجديدة.
رابعاً: كما يرى المتابعون أن ترامب قد وضع خطة شاملة، تقوم على تصفية سلاح الأذرع المسلحة لإيران… وهو سيمنحها مهلة لتنفيذ ذلك، عبر الضغط على الحكومة العراقية، قبل التوجه الى المسارات الأخرى التي ستكون تصعيدية ولا شك.
خامساً: ما يعزّز هذا الاعتقاد ما تسرّب أخيراً من واشنطن عبر منصات أميركية والتي بثتها نشرة الأخبار العربية الدولية من أن ترامب هدّد بحزم القادة في العراق من مغبّة عدم تسليم أسلحتها قبل بدء ولايته.
خلاصة القول أستقيه مما كتبته قبل أيام، من أن ترامب رجل حازم، قرر ووعد وها هو في مرحلة التنفيذ بدءاً باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان مروراً بسوريا، وترقباً لقيام دولة فلسطينية، وقراراته في قطع أذرع إيران في المنطقة…
فهل تكون العراق الخطوة التالية بعد تهديده الميليشيات فيها.. ربما…
وإلى متابعة أخرى في يومٍ آخر.