بقلم المحامي د. عبد الحميد الأحدب
عودة “ترامب” الى السلطة من جديد في أميركا ستترتب عليها نتائج هامة في العالم وفي الشرق الأوسط بنوع خاص.
ففي ولايته الأولى فرض من خلال النظام “الإبراهيمي” تطبيعاً بين اسرائيل وعدد من الدول العربية بحيث اصبحت الدول المطبعة مع اسرائيل تُعدّ الأكثرية، اذا جمعت الدول التي طبعت قبل “ترامب” مع الدول التي طبعت مع “ترامب”.
ولا يخفي الرئيس الأميركي انه ذاهب الى الشرط الأوسط للسلام بين اسرائيل والدول العربية، وبالتالي فإن شرقاً أوسطاً جديداً سيطل على العالم، شرق أوسط بدون حروب بين العرب واسرائيل.
وقد آن الأوان بعد ثلاثة ارباع قرن لإنهاء القضية الفلسطينية التي جاءت للدول العربية بالدكتاتورية وبالفقر واذلال الشعوب العربية، كل ذلك بإسم تحرير فلسطين، وفي كل حرب لتحرير فلسطين يخوضها دكتاتوريو البلاد العربية يخسرون ارضاً وتزداد البلاد العربية فقراً.
ولا يخفى ان “طوفان الأقصى” كان الهدف منه قطع الطريق على النظام الإبراهيمي في التطبيع ولاسيما تطبيع السعودية مع اسرائيل، فكانت نتائجه التي رأيناها من ألوف الضحايا والدمار، ثم العودة الآن الى التطبيع مع الرئيس الأميركي الجديد “ترامب” والعودة الى الماضي، يعني استئناف مسيرة التطبيع، وقد أصبح الأمر اسهل بسقوط نظام الأسد في سوريا، وضعف ايران وهزيمة “حزب الله” في لبنان، والعراق ذاهب الى احتكار الدولة للسلاح، وبالتالي سقوط الحشد الشعبي الذي هو حزب الله العراقي.
وحزب الله في لبنان الذي هُزِم شرّ هزيمة وسقط كل ما كان يزعمه من قدرته على حماية لبنان من اسرائيل، وإزاء الخسائر المريعة التي تكبّدها حزب الله ولبنان والدمار المخيف الذي حلّ بالمناطق الشيعية، فإن حزب الله خاضع لمحاسبة مع بيئته، ولا ريب ان سقوط حزب الله وإزالته من الوجود العسكري والسياسي سيربك كثير مسيرة الإصلاح في لبنان الذي انهار اقتصادياً مع انهياره العسكري والعمراني.
سيشهد اللبنانيون صراعاً بين حزب الله وارادة الإصلاح والتغيير في الحكومة الجديدة. فالرئيس جوزف عون تاريخه معروف، وهو الذي شهد له وشخصيته هي فؤاد شهاب من جديد، ولكن الرئيس المكلف نواف سلام له تاريخان، تاريخ شبابه حيث كان يسارياً متطرفاً، وكان فلسطينياً اكثر من الفلسطينيين، الى أن اختاره الرئيس فؤاد السنيورة ممثلاً للبنان في الأمم المتحدة، وفي هذا الشق الثاني من تاريخه عقل وصار دبلوماسياً ومن الأمم المتحدة دخل الى محكمة العدل الدولية ليصبح رئيساً لها! والشق الأول من تاريخ نواف سلام يسميه البعض
“عروبيته”، وهذا الجانب من تاريخه هو الذي جابه به حزب الله لاسيما لناحية “فلسطينيته”، وعسى ان يغلب شق المحكمة الدولية على الشق الفلسطيني واليساري في معركته لتأليف الحكومة من الاختصاصيين والكفاءات والنزيهين المشهود لهم! تماماً كما كان عهد فؤاد شهاب.
الدول على استعداد لمساندة لبنان وفي مقدمتها السعودية واميركا. وقد كان لهذه الدول دورها في الإنقلاب الدستوري الذي غيّر وجه الحكم، بالطبع لولا سقوط نظام الأسد ولولا هزيمة حزب الله لما كانت الدول قادرة على قلب الوضع الحكومي الدستوري الحاكم رأساً على عقب، أما وقد تغير نظام الحكم فقد جاءت ساعة التطبيق.
وزارة من الكفاءات والنزيهين المعروفين بالنزاهة والكفاءة وعين الدول عليهم!
وحكم نقاوة ونزاهة وتمويل من الدول لإعادة الإعمار.
التحديات كبيرة، وحزب الله لن يُزال من الوجود بسهولة، ولكن بعزيمة الرجال وبنظام سياسي ثابت وقوي ومتحرر يمكن ان يعود لبنان الى ما قبل “اتفاق القاهرة” حيث كان يعيش بسلام وأمان، وكان قِبْلة البلاد العربية وكان سويسرا الشرق.
اذاً فالحياد الإيجابي هو الطريق، وعهد فؤاد شهاب هو المثال الذي يجب ان يكون هو القدوة للخروج من النفق المظلم والخروج من القعر الذي أوصلنا اليه حزب الله والتيار العوني، كان بشار الأسد هو المساند وهو الداعم، فلم يعد هناك آل الأسد، بل يمكن ان تكون سوريا سنداً لنظام جوزف عون ونواف سلام، سوريا الجديدة التي هي بدورها تبحث عن سوريا القديمة التي كانت اماناً ورخاءاً في المنطقة قبل آل الأسد، تفاءلوا بالخير تجدونه.
وكلنا آمال، المهم ان لا يضعف جوزف عون ونواف سلام امام حزب الله.
د. عبد الحميد الأحدب