يبدأ عيد الأضحى المبارك في 10 ذو الحجة بعد انتهاء وقفة يوم عرفة، الذي يقف فيه الحجاج لتأدية أهم مناسك الحج، (الركن الأعظم للحجّ) الذي يوافق اليوم التاسع من ذي الحِجَّة، وينتهي يوم 13 ذو الحجة. وتعود تسمية هذا العيد بالأضحى لامتثال سيدنا إبراهيم عليه السلام لأمر ربه بالتضحية بابنه اسماعيل الذي وهبه الله له على كبر، وتصديق إسماعيل لرؤية والده بأن يذبحه ويكون الضحية. ويعتبر هذا الحدث قمة بالخضوع لأمر الله، فالموافقة على ذبح الابن، ورضوخ الابن لهذه الرؤية أمران غير مسبوقين. فكان جزاء سيدنا إبراهيم عليه السلام من طاعة أمر ربهُ بذبح ابنه، أنَّ الله تعالى قد فدى سيدنا إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم لِيُذبح مكانه. قال تعالى: «فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ* وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ»، كذلك قال: «وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ».
ويحتفل فيه المسلمون بمظاهر العيد التي تتمثَّل في الزيارات العائلية والتجمعات مع الأصدقاء والقيام بذبح الأُضحية وتوزيعها على الأهل والفقراء.
وعيد الأضحى يوم تلحق به أيام التشريق الثلاثة، فيصبح مدته أربعة أيام، ولا يجوز الصيام بهم. ولعيد الأضحى أسماء مختلفة؛ فيسمى «العيد الكبير» في فلسطين وسوريا والأردن ولبنان والعراق ومصر والمغرب وتونس وليبيا والجزائر والسودان، ويسمى «عيد الحجاج» في البحرين، و»عيد القربان» في إيران، و»عيد قربان بيرمو» في تركيا. كما يسمى أيضاً «يوم الفداء» بالعودة إلى قصة التضحية والفداء عن إسماعيل عليهِ السلام، حيثُ أمر اللهُ تعالى نبيهُ الكريم سيدنا إبراهيم عليهِ السلام بذبح ابنه إسماعيل عليهِ السلام إثر رؤيا في منامه، وذلك طاعةً لله تعالى. وكان بمنزلة ابتلاء وامتحان لطاعة سيدنا إبراهيم عليه السلام لربُه.
واقتضاءً بإبراهيم الذي صدق الرؤيا التي أمره الله فيها بذبح ابنه إسماعيل والذي افتداه الله بكبش عظيم، يقوم الحجاج في أول يوم بتقديم الأضحيات لوجه الله في «منى»، كما يقوم بذبح الأضحية كل مسلم قادر في أنحاء العالم بعد صلاة العيد، وعليه جاءت التسمية بعيد الأضحى.
أما الأضحيّة فهي إحدى شعائر الإسلام، التي يتقرب بها المسلمون إلى الله بتقديم ذبح من الأنعام وذلك من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق، وهي من الشعائر المشروعة والمجمع عليها، وهي سنة مؤكدة لدى جميع مذاهب أهل السنة والجماعة الفقهية الشافعية والحنابلة والمالكية، ما عدا الحنفية فهم يرون بأنها واجبة. وقال بوجوبها ابن تيمية. ويرى الشيعة بأنها مستحبة استحباب مؤكد. فقال اللهُ عزَّ وجل «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»، أي يأتي الذبح بعد صلاة العيد التي يكون وقتُها وقت الضحى.
يشترط أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، فتكون من البقر أو الإبل أو الغنم. فيذبح المسلمون الأضحية تقرُّباً لله عز وجل. وقد اجتمع علماء الإسلام على مشروعية ذبح الأضحية، وأنها من أحب الأعمال إلى الله عز وجل.
والتكبير يبدأ من يوم عرفة الى آخر أيام التشريق، مع اختلاف بالتوقيت بين المذاهب. ويستحب التطهر بالغسل للعيد. ويصف جابر بن عبد الله صلاة العيد مع الرسول فيقول: «شهدت مع رسول الله الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة.»
وتُقام في عيد الأضحى أفضل وأعظم فريضة من الله عز وجل، وهي فريضة الحجّ، وعلى ذلك نجد الكثير من المسلمين حول العالم يقومون بتأدية تلك الفريضة في عيد الأضحى المبارك.
ترتبط مناسك الحج ببعض سنن عيد الأضحى المبارك. ومن سنن عيد الأضحى للحجاج؛ حلق أو تقصير الشعر من الأمور الواجبة على كل من الحاج أو المُعتمر، وليس مرتبط بمكان معين، ولكن من السنة أن يقوم الحجاج بحلق أو تقصير شعورهم في الحرم صباح يوم النحر، كما تقوم المرأة أيضاً بتقصير جزء من شعرها، والاغتسال وتطيب البدن وليس الثوب، وصلاة ركعتين، ويقوم الحاج بتلك الأمور الثلاثة قبل الإحرام، ثم ذبح الأضحية من بعد رمي جمرة العقبة في أولى أيام العيد، ويمتد حتى أخر أيام التشريق، ورمي الجمرات وهو أول ما يقوم به الحجاج عند الوصول إلى منى. وقد ذكِر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رمى جمرة العقبة في وقت الضحى، وأكمل باقي الجمرات في أيام التشريق، ثم يؤدي الحاج طواف الإفاضة بعد عودته من منى إلى مكة المكرمة.
ومن سنن عيد الأضحى لغير الحجاج صيام يوم عرفة الذي يعتبر ُسنّة مؤكدة، فأمرنا باتباعها رسولنا الكريم عليهِ الصلاة والسلام، فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية» رواه مسلم، وأن يغتسل الرجل يوم العيد وأن يتطيب، وأن يقوم بالتكبير جهراً صباح يوم العيد عند خروجه لأداء صلاة عيد الأضحى، وأن يؤدي صلاة عيد الأضحى، ويؤخر الأكل لما بعد صلاة العيد، وأن يعود من طريق مختلف عن الطريق الذي سلكهُ وهو ذاهب إلى الصلاة.