كتب عوني الكعكي:
فعلاً معاملة جماعة «حماس» الذين أسروا 250 يهودياً أهلتهم للحصول على شهادات في الأخلاق والتهذيب والمعاملة الإنسانية للمخطوفين… باختصار… فعلى عكس ما يدّعيه الإسرائيليون في المحافل الدولية، وهذا «التمسكن» والظهور بأنهم مضطهدون ومظلومون وتعرّضوا لحرب إبادة في التاريخ وخاصة ما فعل بهم على حدّ قولهم الزعيم الألماني «هتلر».
وبدون أن نخوض معهم بجدل بيزنطي، نقول لهم: على افتراض أننا سلمنا جدلاً بأنكم كنتم مضطهدين وظلمتم تاريخياً.. فالسؤال: هل هذا يعطيكم الحق أن تظلموا الفلسطينيين، ولماذا لا تظلمون الذين ظلموكم؟
على كل حال، دعنا نطلع على ما أعلنه الأسير الإسرائيلي ألكسندر توربانوف الذي كان رهينة لدى «حماس» وأطلق سراحه لاحقاً في عملية تبادل الأسرى والمخطوفين عن دهشته وصدمته بما شاهده من مسلحي المقاومة الفلسطينية ووجه الى مختطفيه رسالة قال فيها:
«إنّ لطفكم ونبلكم أشعراني بأنني كنت حقاً بين أنبل الناس خلال مدة توقيفي 498 يوماً، رغم ما سببناه لكم من دمار وقتل وتهجير، لقد كنتم أحراراً وكنت بينكم أسيراً… لكنني لم أشعر يوماً بأنكم وجهتم لي إهانة أو تحقيراً.
لقد حافظتم على حياتي، وكأنكم آباء لي وأنا طفلكم المدلل، حافظتم على صحتي رغم أنني كنت بين أشخاص يقاتلون من أجل وطنهم وقضيتهم.. يقاتلون من سلب منهم هذا الحق وهذه الأرض.
حقيقة لم أكن أعرف معنى الإنسانية، حتى رأيتها في عيونكم، ولم أعرف معنى التضحية حتى رأيتها فيكم. لقد فهمت معنى مقاومتكم وعنادكم أمام جيش سلب حقوقكم ودمّر بيوتكم وقتل أطفالكم.
وهنا أتساءل: هل دينكم هو الذي علمكم معنى التسامح والعفو؟ كما أتساءل عن صحة هذا الدين قوة هذه العقيدة؟
وأعترف… أنه حتى وفي أصعب الأوقات، وعند اشتداد الأزمات والهجومات عليكم… كانت الرحمة في تصرفاتكم.
فكم أنتم واثقون من أنفسكم… وكم أنتم مؤمنون؟ صدقوني، تمنيت أن أكون مجاهداً معكم، أناضل من أجلكم لأرقى الى درجتكم.
وأخيراً… عرفت أنكم لستم أصحاب حق في الأرض التي تدافعون عنها فحسب، بل كم أنتم تؤمنون بمبادئ الحق والعدالة والسلام».
هذا الكلام يفرض على قادة اليهود في العالم أن يتوقفوا عنده، ويجب أن يكون بالنسبة لهم، الدستور الذي يعملون بموجبه. ولكن للأسف فإنّ ما يفعله اليهود وخاصة الجيش الإسرائيلي منذ 15 شهراً يفوق كل تصوّر من قتل وتهديم بيوت وإفناء عائلات… ألا يكفي قتل 50 ألف فلسطيني أغلبيتهم أطفال ونساء، وتهديم مدينة بكاملها ألا وهي مدينة غزة؟.. يا عالم، 90٪ من مباني وبيوت ودوَر عبادة أي كنائس ومساجد كلها على الأرض.
ألا يكفي جرح 100 ألف طفل وامرأة وشاب فلسطيني؟
ألا يكفي تهجير 3 ملايين فلسطيني من بيوتهم؟ على كل حال لم يعد لديهم بيوت.
غزة صامدة، هذه تعلّم اليهود دروساً في البطولة والأخلاق والتمسّك بالأرض.
غزة تعلمهم ما لم يتعلموه في مدارسهم أو من أديانهم. يكفي ما يقوله العالم وبالأخص المخطوفون عن معاملة الخاطفين في احلك الظروف العصيبة.
يكفي أن غزة أسقطت تعهّد نتنياهو بتحرير الأسرى والقضاء على «حماس».
aounikaaki@elshark.com