ملاك عقيل
«أساس ميديا»
تنقل أوساط قريبة من الرئيس نبيه برّي تأكيده لأمرين: جلسة التاسع من كانون الثاني قائمة في موعدها حتى لو لم يحصل توافق نيابي-سياسي على الرئيس المقبل، ولا تراجع عن انتخاب رئيس بثلثَي عدد النواب حتى لو أنّ الدستور ينصّ على “انتخاب الرئيس بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى ويُكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي”. أمّا الموقف الأهمّ الذي يصدر ضمن الحلقة الضيّقة لبرّي فمفاده: “لن نعدّل الدستور من أجل انتخاب أحد، وما صحّ عام 2008 لا يصحّ اليوم”.
كان لافتاً تأكيد النائب الياس بوصعب، بعد لقائه الرئيس برّي، أنّ “الجلسة ستبقى قائمة حتى خروج الدخان الأبيض وانتخاب الرئيس”. تحدّث بوصعب عن جلسة لا عن دورات، إذ سبق للقريبين من بري، وضمنهم النائب علي حسن خليل، أن أوضحوا هذه الإشكالية: “يفتتح برّي الجلسة، ثمّ ندخل في الدورة الأولى بـ86 نصاباً و86 فوزاً، ثمّ نذهب إلى دورة ثانية وثالثة ورابعة. وإذا لم يُنتخب الرئيس لا نترك الجلسة مفتوحة، بل يَختم الرئيس الجلسة. وبالتالي يتمّ فتح دورات لا جلسات، لأنّ الجلسات المفتوحة تعطّل عمل مجلس النواب وتمنع التشريع”.
جلسة 9 كانون الثّاني
مع انعقاد جلسة 9 كانون الثاني يكون قد مضى 44 يوماً من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”الحزب”. وفق مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت لـ “أساس”، “يُفترض خلال الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة أن يكون اتّفاق الهدنة قد تجاوز مطبّ انهياره بفعل الخروقات الإسرائيلية الفاضحة، وأن تكون لجنة المراقبة التقنيّة العسكرية قد ثبّتت استراتيجية تعاملها مع مراحل تنفيذ الاتّفاق ومعالجة الخروقات، وهي فترة زمنية بالغة الحساسيّة ستؤسّس لمرحلة ما بعد الـ 60 يوماً، وأن يكون الجيش قد استكمل انتشاره وصولاً إلى القرى الأمامية الحدودية التي لا يزال جزء كبير منها، بعد ثمانية أيام من إعلان اتفاق الهدنة، تحت سيطرة نيران الإسرائيليين”.
لا يزال انتخاب رئيس الجمهورية تحت سقف تثبيت دعائم اتفاق وقف إطلاق النار مشكوكاً في أمره بالنسبة للعديد من طبّاخي ملفّ الرئاسة. الأمر المؤكّد، وفق المصادر عينها، أنّ واشنطن وباريس والرياض والدوحة والقاهرة كانوا، ولا يزالون، يدفعون باتّجاه إتمام الاستحقاق من دون أن يحمل أيّ طرف من هذه الدول ورقة مرشّح بعينه، وإن كان سفراء دول اللجنة الخماسية يفضّل بعضهم، وبشكل شخصي من دون إيعاز من قيادة دولهم، مرشّحاً على آخر”.
شريك مضارب
بالمحصّلة، لا يزال التوافق على اسم واحد مشتّتاً بين أصحاب القرار في الداخل، من دون أن تتبيّن في المقابل ملامح أيّ تسوية إقليمية-دولية في شأن اسم معيّن لفرضه أو تسويقه، باستثناء بروز مستشار الرئيس الأميركي المنتخَب مسعد بولس “شريكاً مضارباً” للّبنانيين أوّلاً، ثمّ الفرنسيين، في شأن “التوقيت الأفضل” لانتخاب الرئيس وأجندة التسوية الأشبه بفرض دفتر شروط على رئيس المجلس والنوّاب.
إذ كرّر بولس، في حديثه إلى مجلّة Le Point الفرنسية، طلبه من المرجعيات اللبنانية “انتظار شهرين أو ثلاثة لإنجاز الانتخاب من دون تسرّع وبشكل غير عشوائي، بل ضمن إطار اتّفاق شامل وضمان مشاركة الغالبية المطلقة، وليس الاكتفاء بانتخاب رئيس بأغلبية 65 صوتاً”.
أهمّية كلام بولس الذي عُيّن رسمياً مستشار دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط أنّه يعكس “نَفَس” الإدارة الأميركية الجديدة في التعاطي مع الملفّ الرئاسي وباقي الملفّات، وأنّه ربط الرئاسة، لأوّل مرّة من جانب “موظّف” أميركي وفي مرحلة انتقالية بين إدارتين، برزمة شروط تتناول “الإصلاحات الضرورية وبرنامج الحكومة الجديدة ومن سيرأسها والأحزاب المُمثّلة فيها وضمان تمثيل المعارضة التي تمثّل نصف البرلمان بشكل جيّد”، كما قال.
لا يمكن فَصل كلام مسعد الرئاسي عن نظرة الأميركيين لاتفاق وقف إطلاق النار في تأكيده أنّ “الاتّفاق يشمل كلّ الأراضي اللبنانية، وليس فقط جنوب الليطاني، ويتناول نزع سلاح كلّ المجموعات المسلّحة، ومن ضمنها “الحزب”، وهي مهمّة الجيش، بما في ذلك في شمال الليطاني”.
هذا يعني بكلّ بساطة أنّ نواب “الحزب” الذين سيحضرون جلسة 9 كانون الثاني أو أيّ جلسة رئاسية أخرى، ووزراء “الحزب” الذين سيشاركون في الحكومة المقبلة، يمثّلون “حزباً” آخر بحكم القرار الأميركي-الفرنسي-الإسرائيلي بجعل لبنان منزوع السلاح، وعلى رأسه سلاح “الحزب”.
غربلة أسماء
في الساعات الماضية رُصِدت ثلاثة اتّجاهات رئاسية محض محلّية:
– انطلاق حركة مشاورات “سولو” لرئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل دشّنها بلقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان. وفق معلومات “أساس” بات باسيل يميل بوضوح للدخول بغربلة الأسماء وطرح “برنامج الرئيس” مع وضع فيتو حديدي بوجه سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزف عون… وإبراهيم كنعان، الذي يرصد رئيس “التيّار” حركة من جانب الأخير لتسويق اسمه ضمن لائحة المرشّحين للرئاسة ولا يرى فيها سوى تحدٍّ له ومحاولة فاشلة لتطويقه. في المقابل، أعطى باسيل موافقته الضمنية، وفق المعلومات، على السير بخيار ترشيح مدير المخابرات السابق وسفير لبنان سابقاً في الفاتيكان العميد المتقاعد جورج خوري أو الوزير السابق زياد بارود.
– ثمّة معلومات عن سعي متجدّد من قبل قوى المعارضة، لاحت مؤشّراته في لقاء معراب الأخير، إلى التوافق على اسم آخر بعد “تجربة جهاد أزعور” مع انفتاح على الجميع بما في ذلك رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. لكنّ هذا الترشيح سيكون مثقلاً ببرنامج عمل قد يشكّل خياراً تصادميّاً مع حركة أمل و”الحزب” داخل مجلس النواب.
– عكست جميع تصريحات نواب “أمل” و”الحزب” العلنية تمسّكاً واضحاً بترشيح سليمان فرنجية وإمكانية أن يشكّل “خياراً توافقياً” بين القوى السياسية. لكنّ الأوساط القريبة من الثنائي الشيعي تجزم أنّ “هناك تسليماً حتى الآن بصعوبة تسويق فرنجية عند التيار والقوات وعدد من النواب المسيحيين المستقلّين، بحيث لن يحظى بالغطاء المسيحي المطلوب. لذلك المدّة الفاصلة عن 9 كانون الثاني تشكّل فسحة مقبولة للتداول بأسماء سيبقى فرنجية في صدارتها إلى حين التوافق على اسم لا يشكّل تحدّياً لأحد كما قال بري أخيراً”.
ملاك عقيل