المقاومة… باي… باي

كتب عوني الكعكي:

مع محبتنا الكبيرة لما قامت به المقاومة لغاية عام 2000، وكانت قد حققت أكبر انتصار تاريخي في الصراع بين العرب وإسرائيل، إذ استطاعت أن تجبر إسرائيل على الانسحاب الكامل بدون مسمار «جحا» الذي هو مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، التي لا تزال عالقة.

هذا الانتصار التاريخي ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، ما كان ليتحقق لولا التضحيات الكبيرة التي قدمها أبطال المقاومة.

أتذكر أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري حاول أن يُرسل الجيش اللبناني الى الجنوب، فقامت عليه الدنيا ولم تقعد، إذ اتهم بأنه يخون الوطن. السبب طبعاً هو يجب إبقاء ساحة الجنوب اللبناني مسرحاً لتوجيه رسائل الى إسرائيل.

بعد عام 2000، وبدل أن تقول المقاومة إنها حققت أكبر أمنية وواجب عليها، وهو تحرير لبنان… توجهت للمشاركة في السلطة، فكما هو معلوم دخلت المجلس النيابي وكان ذلك لأوّل مرة.

ولم تكتفِ بالدخول الى المجلس النيابي، وهذا حق شرعي لها، بل دخلت الى الحكومات المتعاقبة وشاركت فيها.

 

بكل صراحة، أصبحت المقاومة هي الدولة.. ومن دون ذكر 6 أيار، وما فعلته المقاومة بدخول بيروت واستباحتها، ثم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري… يمكن القول إنّ المقاومة منذ عام 2000 لم تعد مقاومة بل أصبحت هي الدولة.. إذ لا ينتخب رئيس للجمهورية إلاّ بعد وافقة المقاومة.. وهنا لا بدّ من ذكر أنه بعد نهاية عهد الرئيس إميل لحود بقينا منذ عام ألفين وسبعة نهاية عهد لحود من دون رئيس لنحو ستة أشهر حتى انتخاب الرئيس ميشال سليمان عقب «اتفاق الدوحة».

وبعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان بقينا لمدة عامين ونصف العام من دون رئيس حتى جاء أسوأ رئيس في تاريخ لبنان وهو ميشال عون وصهره، بعد انتظار طويل حيث كان يقول السيّد حسن نصرالله «يا بتنتخبوا الرئيس ميشال عون يا ظلوا بدون رئيس».

انتهى أفشل وأسوأ عهد في تاريخ لبنان، واستمرت الحالة أكثر من سنتين حتى جاء الرئيس جوزاف عون في 9 يناير/ كانون الثاني 2025 الذي يمكن القول إنه أول رئيس ينتخب لبنانياً… أي إنه اختير بإرادة لبنانية، وذلك بعد اغتيال إسرائيل لقائد المقاومة السيّد حسن نصرالله ونائبه هاشم صفي الدين، ومعهما قادة الصف الأول في الحزب في أبشع جريمة، حيث استطاعت القنابل التي تسلمتها إسرائيل من أميركا أن تخرق 8 طوابق تحت الارض، وتصل الى القيادة الكاملة للحزب.

اغتيال قائد المقاومة وخسارة 11 فرصة كان يمكن للمقاومة أن تحصل من خلالها على 13 نقطة حدودية مختلف عليها، مع إعادة النظر في الاتفاق البحري، ثم توصلنا الى وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، وكان ذلك التاريخ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 ودخل حيز التنفيذ.

باختصار، المقاومة حققت انتصاراً في التحرير قبل عام 2000، ولكنها فشلت فشلاً كبيراً في الحكم.. إذ إن لبنان دُمّر على الصعيد العسكري من قِبَل إسرائيل، ودمّر على الصعيد الاقتصادي أيضاً بسبب تحكم الحزب، ويكفي أن أزمة انهيار الليرة اللبنانية من 1500 ليرة للدولار الواحد ليرتفع الى حدود 89.500 ل.ل.

هذا يؤكد أن المقاومة فشلت وعليها أن تعود الى كنف الدولة، أي أن تترك السلطة وتترك رجالات الدولة العمل على إعادة الوطن الى أبنائه.

aounikaaki@elshark.com