كتب عوني الكعكي:
اللبنانيون والفلسطينيون يموتون منذ 420 يوماً جرّاء القصف الإسرائيلي التدميري بأحدث طائرات الـF-14 وF-15 وF-35، والقنابل تتساقط ليلاً ونهاراً على الشعبين الجبارين حيث وصل عدد اللبنانيين الذين استشهدوا الى ما يزيد عن الـ4 آلاف، وعدد الذين أصيبوا بالآلاف.
أما عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا فقد تخطى الخمسين ألفاً، والذي جرحوا يُعدّون بمئات الألوف ناهيك بالنازحين والمشردين.
تدمير لم يسبق له مثيل في التاريخ.. قرى ما يسمى بالشريط الحدودي دمّرت تماماً وسويت بالأرض، وقصفت بالقنابل الحارقة حيث لم يعد هناك أي وجه من أوجه الحياة. بالاضافة الى مدينة صور التاريخية. فما يجري في صور لم تتعرض له هذه المدينة التاريخية في ظل أي محتل غزاها في التاريخ.
– بعلبك ورمزيتها وقلعتها التي تحاكي الفن المعماري البديع
– البقاع الغربي والشرقي والأوسط
– الضاحية الجنوبية والشويفات
– بيروت: الكولا والباشورة والنويري والبسطة وبرج ابي حيدر وغيرها من الأماكن.
كل هذا الدمار في لبنان. أما الدمار الأكبر ففي غزة التي لم تعد موجودة.
يبدو أنّ هم إيران الوحيد، هو التفاوض على الملف النووي. وهنا يصبح التساؤل، عما إذا كانت إيران قد تخلت عن أذرعها في لبنان وغزة، ضمن صفقة مع الغرب لتحقيق مكاسب في الملف النووي والعقوبات؟
وكما هو بادٍ في هذه الأيام، فإنّ إيران ليست لديها نيّة الانخراط في الحرب التي تتسع شيئاً فشيئاً بين إسرائيل والمقاومة في لبنان، رغم كل الدعم المعلن في وسائل الإعلام.
ولا بدّ هنا من الاشارة الى ما نقله موقع «أكسيوس الأميركي» عن مسؤولين إسرائيليين وغربيين قولهم: إنّ المقاومة في لبنان حثت إيران على شنّ هجوم ضد إسرائيل، مع تصاعد ضراوة القتال، إلاّ أن طهران تحفظت على تنفيذ الطلب.
كما جاءت التصريحات الرسمية الإيرانية متوافقة مع هذا الطرح، حيث قال الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان: «إنّ بلاده لا تريد الوقوع في الفخ الإسرائيلي الساعي الى توسيع نطاق الصراع». ما يوحي بأنّ إيران قد تخلّت عن المقاومة في لبنان في وقت حسّاس للغاية.
إنّ ما ذكرته أعلاه يؤكد أن هناك تباعداً في المواقف بين إيران و «الحزب» منذ اندلاع حرب غزة «عملية طوفان الأقصى».
كذلك، فعلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فهي حاولت إدخال إيران في معادلة الحرب. لكنّ طهران حافظت على نوعٍ من الاستقلالية في صنع القرار.
التحفّظ الإيراني في غزة ولبنان، قد يكون نتيجة رسائل تلقتها من البيت الأبيض، برفع العقوبات عن طهران، مقابل ضمان كون برنامجها النووي غير عسكري، وعدم سعيها لامتلاك سلاح نووي.
هذا يعني أن إيران تستطيع تحقيق مكاسب، سواء في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تنتهي ولايته في يناير 2025 أو في ظل إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي تبدأ ولايته في العشرين من كانون الثاني (يناير) عام 2025.
فإذا أردنا تحليل الموقف الإيراني من الحرب الدائرة في غزة ولبنان، لا بدّ من التوقف عند العلاقة التي كانت تربط بين إيران وكل من «حماس» و «الحزب». لأنّ هذه العلاقة هي من أكثر العلاقات العسكرية والسياسية تعقيداً وتماسكاً، في منطقة الشرق الأوسط. فـ «الحزب» هو الحليف الأقوى لإيران في لبنان والمنطقة ككل. حيث يقدّم (الحزب) لطهران ذراعاً عسكرية وسياسية فعّالة تمتد الى مناطق النزاع الإقليمي. فإيران هي التي قدّمت التدريب اللازم لعناصر «الحزب»، مما جعل «الحزب» قادراً على ممارسة نفوذه داخل لبنان وخارجه.
ومما يدعو الى العجب، ما قاله الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان «إنّ إيران لا تريد أن تشهد توسّع الحرب الحالية في غزة، ولا تريد توسيع نطاق الحرب عبر الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية».. مضيفاً (وهنا المفارقة): «إنّ لبنان وإسرائيل يجب أن يقيما حواراً».
إشارة الى أن إيران رفضت تدخل الفصائل المسلحة العراقية لدعم «الحزب».
صحيفة «واشنطن بوست» ذكرت من جانبها أن إسرائيل تسببت بخسائر فادحة في لبنان، وألحقت بـ «الحزب» أقسى الخسائر أيضاً من خلال الـ «بيجر» واغتيال قادته من الصفين الأول والثاني وتدمير بنيته التحتية. ومع ذلك لا تزال إيران مترددة في التدخل، مقتصرة على التصريحات الداعمة ومحاولاتها للتواصل مع بعض الدول الغربية.
إنّ «الحزب» مُني بخسائر تعدّ الأشد في تاريخه الممتد لأربعة عقود، شملت تدمير قياداته وتفكيك ذخائره وتعريض شبكاته الاتصالية للخطر، بعد الهجمات التي حوّلت أجهزة النداء والراديو «البيجر» الى أدوات قابلة للانفجار.
خلاصة القول: إنّ إيران خرجت من المواجهة منذ أن تركت حركة حماس وحدها في الميدان، ولم تتدخل إلاّ من خلال التصريحات الإعلامية.
إنّ إيران لا تريد توسيع الحرب… وهذه رغبة إيرانية ليست جديدة. إذ إنها كانت دائماً تقاتل على قدر مصالحها. فإيران لن تحصل على مكاسب في حال اتساع الحرب.. وإلاّ كيف نفسّر الصمت الإيراني الـمُريب والمقتصر على الناحية الإعلامية فقط إزاء كل ما حدث.
فوجئت بخبر يقول: إنّ الإيرانيين يجتمعون مع وفود من فرنسا وبريطانيا وألمانيا من أجل البحث في النووي الإيراني.
يا جماعة!!! إسرائيل قتلت قائد المقاومة اللبنانية الشهيد السيّد حسن نصرالله، وقتلت معظم قادة «الحزب» الذين يقاتلون إسرائيل منذ 40 سنة، من أجل تحرير لبنان… وعندما اندلعت الحرب في غزة أعلن السيّد حسن مساندته لأهالي غزة، واستطاع تهجير سكان شمال فلسطين المحتل من المستوطنين اليهود، وبالرغم من كل الإغراءات التي عُرضت عليه وهي ثمانية… فرفض في البداية، ولكن عندما قبل في الفترة الأخيرة منعه الإيرانيون. أضف الى ذلك كله عملية «البيجر» التي أقدمت عليها إسرائيل فتسببت بفقدان بصر 1500 مقاتل من «الحزب»، وبعضهم فقد أعضاء من جسمه وبات معاقاً جسدياً.
وأمام كل هذه الخسائر التي مني بها «الحزب»، والخسارة التي خسرها الفلسطينيون، تبدو إيران أن همّها الوحيد حلّ مشكلة المفاعل النووي الإيراني.
يا جماعة الخير… أرواح اللبنانيين وأرواح الفلسطينيين والسوريين والعراقيين واليمنيين والسودانيين ليست رخيصة حيث دخل على الخط ما يسمّى بالحرس الثوري الإيراني هناك، همّ إيران الوحيد قتل المسلمين تحت شعار «التشييع».
القصة بدأت منذ اللحظة الأولى لهبوط طائرة آية الله الخميني عام 1979 في مطار طهران… وقد كتبنا وحذّرنا من أن المؤامرة بدأت، وأنّ كل كلام عن فلسطين ليس إلاّ الشعار الذي سرقوه من الشعوب العربية كي يبرّروا أهدافهم السرّية، بشعار «تحرير القدس».
يا جماعة!!! أين ادعاءات «المجوس» بالنسبة لتحرير القدس.. وأين شعارات «الدبّ الأكبر والدبّ الأصغر».. وأين شعارات «الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر»؟
كل هذه الشعارات داس عليها الإيراني، ليبحث مع الدول العظمى مستقبل النووي الإيراني.
السؤال الأخير: ماذا يريد النظام الإيراني من المفاعل النووي؟ وهل ستسمح له إسرائيل بامتلاكه؟
يا جماعة الخير!! كفى قتلاً للشعوب المسكينة المغلوبة على أمرها تحت شعارات زائفة كذابة… اتركوا شعبي يعيش… وحلّوا عن بقية الشعوب التي تحب الحياة وترفض سياسة الموت.