الراعي في قداس مار مارون في حضور الرؤساء: للبقاء على الحياد الإيجابيّ تجاه المحاور الإقليميّة

شارك رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وعقيلته اللبنانية الاولى السيدة نعمت عون ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام وعقيلته السيدة سحر بعاصيري، في القداس الالهي الذي اقيم في كاتدرائيّة مار جرجس المارونيّة في وسط بيروت، لمناسبة عيد شفيع الطائفة المارونية القديس مار مارون.

ترأس القداس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عاونه فيه راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر والمطران خليل علوان ولفيف من الكهنة، بحضور شخصيات رسمية وسياسية وديبلوماسية وعسكرية ومرجعيات دينية.

عبد الساتر

في بداية القداس، القى المطران عبد الساتر كلمة قال فيها: “صوتًا صارخًا كنتم يا صاحب الغبطة، وعلى مدى أشهر عديدة، تدعون إلى انتخاب رئيس للجمهورية لتتحققَ الشراكةُ الحقيقيّةُ في حكم وبناء لبنان لأنّه لا يجب أن يشعر أي مكوِّن بأنَّه مهمش أو مقصي. فجميع اللبنانيين قدموا الشهداء من بين خيرة أولادهم. وجميع اللبنانيين نزحوا عن قراهم ودمرت بيوتهم ولم يترددوا في العودة إليها عند أول فرصة. وجميع اللبنانيين قاوموا الاحتلال حفاظًا على هويتهم وحماية لحريتهم ودفاعًا عن كيانهم. وجميع اللبنانيين يستحقّون رئيسًا قادرًا ومستقيمًا، خريج مؤسسة وطنيَّة عريقة، يدرك قيمة الإنسان والأرض ويسعى إلى تأمين حياة كريمة وآمنة لكلِّ مواطن ومواطنة كان من كان ومن أي منطقة أتى وإلى أي دين أو حزب انتمى. فالشكر للربّ الذي استجاب لصلاتكم وصلاة جميع اللبنانيين بانتخاب فخامة الرئيس العماد جوزاف عون رئيسًا للبلاد وفّقه الله في مهمته وله كلَّ محبتنا وصلاتنا. وإنه من دواعي سروري أن يكون دولة الرئيس نواف سلام قد تمكّن من تأليف حكومة العهد الأولى وأن تكون إطلالتها الرسميّة الأولى بيننا في عيد مار مارون. وأرجو أن توفّق في تحقيق ما يلزم من أجل حياة كريمة وآمنة ومزدهرة لكل اللبنانيين”.

الراعي

بعد الانجيل، ألقى الراعي عظة قال فيها: “حبّة الحنطة إذا وقعت في الأرض وماتت، أتت بثمرٍ كثير” (يو 12: 24) فخامة الرئيس أعدتم لعيد أبينا القدّيس مارون، وهو عيد وطنيّ، رونقه بانتخابكم على رأس الدولة اللبنانيّة، بعد فراغٍ دام أكثر من سنتين في سدّة الرئاسة. فبانتخابكم عادت الثقة بشخصكم إلى قلوب اللبنانيّين، وإلى أسرة الدول العربيّة والغربية وهي ثقة لطالما انتظروها، فأتت بعد طول انتظار. وازدادت بالأمس بتأليف الحكومة اللبنانيّة الجديدة الموصوفة “بالإصلاح والإنقاذ”. فنهنّئكم، صاحب الفخامة، ونهنّئ دولة رئيسها القاضي نوّاف سلام، ونهنّئ الوزراء الجدد وجميعهم واعدون، متمنّين لها ولهم النجاح في المهام الكبيرة التي تنتظرهم، وقد جئتم على ذكرها في خطاب القسم. ولكون الحكومة من بركات مار مارون في عيده، نصلّي إليه كي يشفع بها لدى الله فتتمكّن من تنفيذ كلّ “إصلاح وإنقاذ”. إنّنا نشكر الله، عزّ وجلّ، على أنّه حمى لبنان ويحميه بفضل صلوات شعبه وأنين الفقراء والمحرومين، ودم الشهداء الذي روى أرضه، والذي “يصرخ من الأرض إلى الله” (تك 3: 10)”

أضاف: “أحييكم، فخامة الرئيس، باسم سيادة راعي الأبرشيّة أخينا المطران بولس عبد الساتر وكهنة الأبرشيّة ورهبانها وراهباتها ومؤمنيها. ونحيّي اللبنانيّة الأولى ودولة رئيس مجلس النواب، ودولة رئيس الحكومة الجديدة، وأصحاب الغبطة والسيادة والفخامة والدولة والمعالي والسعادة وسائر الشخصيّات المحيطة بكم للصلاة في عيد أبينا القدّيس مارون، والتأمّل في فضائله، وما يقوله لنا في الظرف الحاضر”. 

وسأل: “ماذا يقول لنا اليوم القدّيس مارون في عيده الوطنيّ؟ بعد خبرة خمسين سنة من الحرب، وتقهقر اقتصاديّ وماليّ واجتماعيّ وثقافيّ وأخلاقيّ. يقول لنا: وطني وطن القداسة، لا وطن الحديد والنار! وطني وطن المحبّة، لا وطن الأحقاد! وطني وطن السلام، لا وطن الحروب، وطني وطن الحضارة، لا وطن الإنحطاط! وطني وطن الإنفتاح، لا وطن الإنعزال! أوقفوا التمادي في المماطلة! أوقفوا إسقاط السلطة القضائيّة! أوقفوا فقدان السيادة والكرامة! أوقفوا الإعتداء على الدستور والأزمة السياسيّة! لقد اختنق الشعب من الجمود، فقدّموا له حلًّا من حلول، وتسوية من تسويات، وحقيقة من حقائق. إنّ الخطر الحقيقيّ الذي يواجه لبنان هو الإنزلاق في محور الإنحطاط. فبقدر ما يجب أن نبقى على الحياد الإيجابيّ تجاه المحاور الإقليميّة، يجب أن ننحاز إلى محور الحضارة والنهضة والرقيّ”.