الجيش هو الحامي والمعين

منذ كان الجيش كانت الحياة الآمنة الفضلى ، ولا غرابة في ذلك، لأنه لا حياة بدون إستقرار ولا إستقرار بدون أمن، وهذا يفقد معينه إذا أفلت شمس الجيش.
ولما كانت المجتمعات بتطورها من البساطة إلى التعقيد بأمسّ الحاجة إلى شخصية معنوية تسوس أمرها وتدير أحوالها ، ولما كانت هذه الشخصية بحاجة إلى عصب قوي يجعلها راسخة لا تؤثر فيها رياح السياسة الهوجاء ولا أعاصير الشغب والفتن، كانت بحاجة إلى نفوس أبية تذود عن حماها وتسهر على راحة أهلها، عنيت بهذا العصب القوي الهمة: الجيش بقادته الأباة.
وما الشخصية المعنوية سوى تلك الدولة التي تسمو بسمو جيشها وتفتخر بقوته وبسالته وتعتز بكرامته دائماً وأبداً .
ولبنان الحديث لم يتغير عن لبنان الذي شهد له العالم بشموخه وإبائه وشهدت له الأرزة بخلوده وثباته هو ذلك الوطن الأشم الذي ظل صامداً عصوراً طوال يجاهد ليبقى سيد نفسه ، وقد استطاع أخيراً المحافظة على استقلاله بالدماء الغالية المسترخصة في سبيل الوطن ، إنها دماء الشهداء من أبنائه بذلت في سبيل استقلاله المقدس .
وهناك على الحدود اللبنانية عيون لا تنام … وكيف يهنأ لها النوم وفي الشرايين دماء مزجت بالوطنية ، كيف لا تسهر تلك العيون وقد آلت على نفسها أن تكون الخادم الأمين للبنان الذي لا يستبدل بأي غالٍ كان.
شعارات مقدسة ترتسم في كل حين أمام أعين الجنود فتجعلهم يقظين دائماً وأبداً، تجعل الجندي يعرف تماماً قدسية واجبه، وإلمامه بقدسية واجبه ينبع من صميم قلبه العامر بالوطنية، فهو قلب إنساني.
ويا لها من إنسانية، إنسانية الجيش، إنسانية لا تشوبها شائبة فهي تنادي من عليائها بصوت سحري يرسل صداه في أنفس الجند ولسان حالها يردد:
أيها الجنود ضعوا السدود أمام تلك السيول الجارفة ، سيول الفتن والمشاغبات ، وحطموا تلك القيود التي تريد استعباد لبنان، وقوّموا الإعوجاج بحزم دون بطش، وقوة دون قسوة، واضربوا بيد من حديد على من يعبث فساداً وطغياناً في لبنانكم هذا.
وهكذا نرى أن الجيش يعمل على حماية أراضي الجمهورية اللبنانية من كل تعدٍّ خارجي، كما يحافظ على سلامة الدولة من كل عبث في الداخل ويراقب بوعي تحركات العدو ونشاطه لتفادي نتائج ما قد يقوم به عملاؤه في الداخل للنيل من أمن الوطن وسلامته، كما أنه يسهم في تعمير الوطن بإنشاء الطرقات والجسور والقيام بأعمال التحريج إلى واجب التدخل في الكوارث الوطنية لإنقاذ المواطنين من ويلات الزلازل والفياضانات والحرائق.
واليوم نكرر ونقول بفخر وإعتزاز، أن الجيش هو المعين وحامي الأرواح والممتلكات وأنه الدرع الذي يتقي به لبنان السهام والشدائد، وأنه الصامت الأكبر الذي نحتاج الكثير من صمته لنتعلم الكلام.
وليحفظ الله لنا جيشنا: ضباط ورتباء وأفراد وقائدهم العماد جوزاف عون الذي يجسد الأقانيم الثلاثة: الشرف والتضحية والوفاء.
عشت أيها الجيش ليعيش لبنان .
بيروت في: 1/8/2024
المحامــــي مازن محمد حلّال

 

التعليقات (0)
إضافة تعليق