بقلم عُدي ضاهر
باحث واستاذ محاضر في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
عاتبني الكثير من الاصدقاء لا بل لامني الكثيرون منهم بسبب ابتعادي موءخرا عن الكتابة والتحليل في ظروف دقيقة كالتي يمر بها لبنان والمنطقة معا معتبرين انه قد لا يكون كافيا ان اردد ما سأورده الان في الجلسات الخاصة القليلة معهم فقط بل انه من الضروري ان يصار الى تعميمه على القراء كي تكون الصورة واضحة امام المتابعين والمهتمين بطبيعة الحال.
وقد كان جوابي بوضوح انني في العادة لا احب ان اكتب او ان انقل تشاءومي على الورق للعمومً لقناعتي مع الاسف بان لا شيء في الصورة التي يرسمهاذهني للاحداث وتحليلاتها بوجود اية بارقة امل في الوقت الحاضر توءشر «لتفاوءل ما «اقله في المرحلة الحاضرة وعلى المدى المتوسط من الايام والاشهر المقبلة اضافة طبعا الى انشغالي باعداد المحاضرات في الجامعة وببعض الامور الخاصة .
ماذا ينتظرنا في الاتي من الايام.!!!؟
الحقيقة ان الواقع لا ًُُينبىء بالتفاوءل بامكانية الوصول الى تسوية لا على مستوى الحرب المدمرة الحاصلة ضد قطاع غزة داخل فلسطين المحتلة من قبل جيش الاحتلال الاسراءيلي ولا على مستوى الداخل اللبناني «والميكرو حرب « الدائرة في الجنوب اللبناني منذ ٨ تشربن من العام المنصرم اي منذ حوالي سبعة اشهر ونيف
والتي اطلق عليها «الحزب الاقوى في لبنان « «حرب المشاغلة « بمعنى مشاغلة إسرائيل لاءلهاءها عن المضي قدما في حرب الابادة على غزة وهذا ما لم يتحقق بطبيعة الحال ولم يجد نفعا ولم يشفع لا بغزة ولا باهلها بل زاد المعتدي الاسراءيلي من اعتداءاته واجرامه بحق المدينة والمدنيين فيها ودمر العديد من القرى الاهلة في الجنوب اللبناني وهجر قرابة ١٠٠ الف او يزيد من اهلنا هناك وادى الى استشهاد ما بقارب ٣٥٠ شهيدا او اكثر «حتى الان والحبل على الجرار» كما يقال.
ما هي امكانية الولوج الى التسوية المطروحة في ظل استمرار التصعيد الحاصل على جبهتي غزة والحنوب اللبناني وهل التسوية المنتظرة ستأتي بالحل ..،!!!
-في واقع الحال لا مع الاسف الشديد للاسباب والعوامل التالية:
-اولا:ان بذور التسوية المتحدث عنها غير قابلة للحياة او حتى للنمو تبعا للاعتبارات الاتية:
-١: لان اية تسوية تفترض قبول الطرفين المتنازعين الاساسين اي حماس وإسرائيل اولا ثم استطرادا إسرائيل والحزب ثانيا ومن وراءه ايران طبعا في ما خص لبنان في البنود المعروضة عليهم لاتمام التسوية وهذا ما هو غير متوافر حتى الساعة ولن يكون متوفرا لاحقا في رأيي بين الاطراف المذكورة على خلفية ان النزاع الحاصل حاليا بات صراعا وجوديا بين استمرار إسرائيل التي نعرفها واستمرار حماس ومقاومتها وسلاحها في الداخل الفلسطيني او استمرار شيء اسمه القضية الفلسطينية في الاساس وبالتالي استمرار بقاء الحزب في لبنان على سلاحه بالطريقة التي هو عليها الان ..لان ذلك يعني ان التسوية المحكى التي عنها ستفرض «هدنة موءقتة «ما وليس اكثر وسوف يتجدد من بعدها القتال بعد فترة قد تطول او تقصر تبعا للظروف وهذا امر لن يستطيع لا نتانياهو ولا غيره القبول به باعتبار ان الهدف الاساسي لديه او لدى غيره من قيادات العدو هو اعادة المستوطنين الذين هربوا من منازلهم سواء في «غلاف غزة «او في «الشمال الاسرائيلي «المزعوم على الحدود مع لبنان اثر عملية «طوفان الاقصى «في السابع من تشرين من العام الفائت وهذا الامر لن تحققه ابة تسوية مع استمرار حماس في مقاومتها واستمرار امكانية الحزب في تهديد امن إسرائيل اقله في ذهن المستوطنين الاسرائيلين…
-٢ لان الكلام عن ان هناك ضغط اميركي جدي على نتانياهو وحكومته من قبل واشنطن للسير بالتسوية المطروحة ليس مجديا للحد المطلوب ولن بكون في رأيي مجديا لاحقا خصوصا بعد شهر حزيران الاتي بحيث تدخل اميركا كلها في اتون الانتخابات الرئاسية المنتظرة ولا يعود هناك امكانية جدية لممارسة اية ضغوط وخصوصا على إسرائيل لأن الرئيس الاميركي بايدن سيكون بعد ذلك الوقت هو بحاجة لنتانياهو وتاثير اللوبي الصهيوني في الانتخابات الاميركية القادمة وليس العكس ولذلك نرى تلك الزيارات المكوكية التي يقوم بها شخصيا مدير الاستخبارات المركزية الاميركية CIA «وليم بيرنز» الى كل من تل ابيب ومصر وقطر وغيرها من العواصم المعلومة والمجهولة لانضاج التسوية المتحدث عنها وتسويقها لدى مختلف الاطراف علها تاتي بالنتيجة المرجوة قبل الموعد المنتظر لهذه الانتخابات.
٣-لان الاهداف الاساسية التي وضعتها حكومة نتانياهو في الاساس للرد على «طوفان الاقصى «وهي انهاء حماس وتهجير فلسطينيي غزة وعودة الامن والاستقرار الى الداخل الفلسطيني المحتل وعلى حدود إسرائيل المختلفة لم يتحقق ولن يتحقق معُ اية تسوية مطروحة او يمكن لها ان تطرح لاحقا باعتبار ان حماس والقضية الفلسطينية هي فكرة في الاساس وحق وحقيقة شعب يطالب باستعادة ارضه ولا يمكن الغاء هذا الحق بالحديد والنار مهما طال الزمن وهذا ما اثبتته السنوات الماضية منذ احتلال فلسطين في العام ١٩٤٨ وحتى البوم وان اية تسوية ستظهر إسرائيل بمظهر الخاسر الاكبر وليس فقط نتانياهو شخصيا وهذا ما لا ولن تقبل به إسرائيل بطبيعة الحال.
ثانيا:لان ما تطالب به الدول العربيةوعلى راسها المملكة العربية السعودية لاقامة التطبيع مع إسرائيل وقبلت به حماس واقرته القمتين العربية والاسلامية اللتان انعقدتا موءخرا في الرياض بوجوب «حل الدولتين «لم يتحقق بعد وفي رأيي انه لا يزال بعيد المنال اقله في المدى المنظور للاسباب والعوامل الاتية:
-١ ان حل الدولتين في «الذهن الاسرائيلي» العام غير وارد على الاطلاق خصوصا بعد عملية «طوفان الاقصى «والتي كان من نتائجها العملية ان لا امكانية اقله لدى المجتمع الاسرائيلي على استمرار التعايش بين الفلسطينين والاسرائيلين بعد الذي جرى ويجري وهذا ما نقرأه ونسمعه سواء في الصحف العبرية المتًرجمة او في الاقنية التلفزيونية الاسرائيلية والغربية بشكل عام ..ما يعني ان التسوية قد تكون مستحيلة ان لم نقل بعيدة المنال في المدى المنظور والقريب.
-٢ ان الحرب الدائرة حاليا بين إسرائيل والفلسطينيين بشكل عام وبينها وبين حماس بشكل خاص اتخدت ولاول مرة منذ تاريخ الصراع العربي -الاسرائيلي حرب وجود بمعنى انها قد تكون بداية النهاية للكيان الاسرائيلي الغاصب لارض فلسطين ما لم تذهب إسرائيل الى القبول الجدي لحل الدولتين على ارض فلسطين بالتحديد وليس على اي ارض اخرى او نهاية القضية الفلسطينية وانتدثارها الى الابد.وانا شخصيا مع الخيار الاول على صعوبة تحقيقه في ظل دعم اميركا والغرب المستمر عموما لإسرائيل وفي ظل امتلاكها للسلاح النووي بطبيعة الحال من جهة اخرى.
الى اين من هنا اذا.. وماذا ينتظرنا.!!!؟
الى المزيد من الشيء نفسه مع الاسف الشديد اي الى استمرار الحرب سواء على جبهة غزة وفلسطين بشكل عام او على الجبهة الجنوبية لدينا مع حتمية توسع نطاق الحرب من وجهة نظري الى اكثر من الجبهة الجنوبية ربما ليس فقط الى عموم المنطقة فحسب بل الى العالم باسره اي الى حرب عالمية ثالثة ولكن ليس بمفهوم الجيوش التقليدية هذه المرة بل باساليب التكنًولوجيا الحديثة والمتطورة الى حد بعيد وهذا الامر لن يكون بطبيعة الحال على خلفية حرب غزة فقط بل على خلفية كل ما جرى ويجري في العالم باسره من حرب اوكرانيا وروسيا مرورا بضعف أوروبا وهزالتها وعدم تمكنها من اتخاذ اي موقف مغاير لواشنطن وإسرائيل وصولا الى حروب المضاءق بين ايران والغرب عموما لمحاولة السيطرة على شرايين التجارة الدولية ومن وراءهما الصين واميركا.
الله يستر.
عُدي ضاهر