التراجع الإيراني يصل إلى لبنان

كتب عوني الكعكي:

يبدو أن التراجع الإيراني والذي بدأ من العراق حيث أعلنت جميع الفصائل العراقية الموالية لإيران ومن بينها: كتائب حزب الله وحركة النجباء وكتائب سيّد الشهداء وأنصار الله استعدادهم لتسليم أسلحتهم، وكان «الحشد الشعبي» قد انضوى تحت لواء الدولة، وذلك بناء على أوامر من دولة ولاية الفقيه في إيران.

الخطوة الثانية كانت انسحاب إيران من مساعدة الحوثيين وعدم استمرار الدعم العسكري والمادي لهم. وذلك أيضاً رغبة من إيران لتبييض صفحتها مع أميركا. وتأتي هذه الخطوة المتقدمة بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد اجتماعه برئيس الحكومة الإسرائيلية، إن حرب غزة يجب أن تتوقف، وسوف تتوقف قريباً جداً.

كذلك، أعلن الرئيس ترامب أن المباحثات مع الإيرانيين سوف تبدأ يوم السبت المقبل في عُمان.

ولا شك أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا قد أفقد إيران ورقة كبيرة كانت تعتمد عليها لدعم حزب الله، حيث كانت سوريا تُعتبر الرئة التي يتنفس منها «الحزب»، إذ تتوفر له طريق الإمداد على صعيد السلاح وعلى صعيد المال، أما اليوم فقد سُدّت جميع السبل وأصبح الحزب معزولاً، بمعنى أدق قطعت عنه أهم طريق إمداد للأسلحة والمال، فصار الحزب معزولاً.

لم يتوقف الأمر عند انهيار نظام الأسد، بل الانتصار العسكري الكبير الذي حققته إسرائيل في لبنان، بدءاً باغتيال شهيد فلسطين السيّد حسن نصرالله ومعه كامل قيادته من الصف الأول، وحتى نائبه وابن خالته السيّد هاشم صفي الدين، الى عملية «البيجرز» التي توازي بخسائرها كل الحروب، وهي شكّلت أكبر انتصار عسكري في تاريخ إسرائيل، تحدّث عنها في آخر مقابلة له الشهيد حسن نصرالله… وما دمنا نتحدث عن الحرب مع إسرائيل نُذكّر بالانتصار الثاني لإسرائيل وهو موضوع التفوّق التكنولوجي، بالنسبة للمسيّرات واستعمال الذكاء الاصطناعي الذي قال عنه الزميل «سامي كليب» الذي يحضّر كتاباً عن هذا الموضوع، فذكر كيف يستعمل العدو الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي لمحاكاة العناصر على الأرض وكأنّ المتحدث معهم هو أحد قادتهم.

نقطة هامة جداً يجب أخذها بالاعتبار.. فإنّ الحزب أصبح مكشوفاً عسكرياً حيث أن أي تحرّك على الأرض يقمع من العدو الإسرائيلي بسبب المعلومات التي تصل الى الجيش الإسرائيلي فيقوم بالاغتيالات بواسطة المسيّرات والذكاء الاصطناعي.

أما قصة الصواريخ التي كان الحزب يهدّد بها، والتي قال عنها في يوم من الأيام الشهيد حسن نصرالله انها ستصل الى ما بعد حيفا، فقد ذهبت مع الريح. والمصيبة ان الحزب اليوم أصبح مكشوفاً عسكرياً، وإسرائيل تمارس قمة العنف والوحشية والاغتيالات.

لذلك، نظن أن إيران وبعد خسائرها وخسائر أذرعها أصبحت اليوم وحيدة، من هنا جاء قبولها بالتفاض المباشر مع أميركا، ونرى أنها تخلت عن الحزب، أو فلنكن أكثر دقة، فقد تغيّرت الظروف على صعيد الحزب وتغيّرت الظروف المتعلقة بإمكانيات إيران خاصة بعد الانهيارات الاقتصادية التي تعانيها.. وأهمها هبوط أسعار الصرف حيث يواصل الدولار الارتفاع مقابل «التومان» والعملة الإيرانية «الريال». فالدولار الواحد وصل الى مليون و59 ألف تومان. فماذا يعني ذلك بالنسبة للاقتصاد الإيراني؟ إنه كارثة اقتصادية حقيقية.

أخيراً، نرى أن الحزب والقسم الأكبر منه أصبح في جو الاعتراف بالهزيمة. وقد تكون الفرصة أكبر في التخلي عن السلاح، وهذا ما يحتاجه الأمن والاستقرار والإعمار في لبنان.

نكرر لا اقتصاد ولا إعمار ولا إعادة إعمار ولا سياحة بوجود سلاح الحزب.

aounikaaki@elshark.com