كتبت ريتا شمعون
الشرق – على مسافة أيام من عيد العمال، وفي بلد منهار اقتصاديا، سياسيا، ديبلوماسيا، قضائيا، مؤسساته مشلعة، يعيش شعبه بأموال اللبنانيين في الخارج، عدد النازحين أصبح أكثر من عدد مواطنيه الموجودين في البلد، يوافق مجلس الوزراء على رفع الحدّ الأدنى للأجور للقطاع الخاص الى 18 مليون ليرة أي ما يعادل 200$، ونزولا عند رغبات أصحاب العمل، رفض مجلس الوزراء زيادة غلاء معيشة للأجراء بقيمة 9 ملايين مكتفيا بتعديل الحد الأدنى للأجور الشهرية الى 18 مليون ليرة.
في الواقع طرح هذا الموضوع بغير محله مع الظروف والجو الطائفي المسموم والمفروض علينا، بعد جريمة قتل منسق القوات اللبنانية في منطقة جبيل باسكال سليمان، فضلا عن التدهورالأمني في المنطقة والردّ الذي أرادت ايران ايصاله لإسرائيل وانعكاسه على جنوب لبنان المتمثل بغارات اسرائيلية على المناطق الحدودية الذي وضع لبنان في حال طوارئ واغلاق الأجواء اللبنانية لساعات أمام جميع الطائرات القادمة والمغادرة. لنعد الى موضوعنا وندخل في تفاصيل قرار مجلس الوزراء مع رئيس الإتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر الذي اعتبر في حديث لجريدة الشرق أن رفع الحد الأدنى الى 18 مليون ليرة هو جزء من حد أدنى من العيش الكريم، لافتا الى ان هذا القرار لا يراعي حقوق العمال في ظل الأزمة الإقتصادية التي يعيشها لبنان، ولا يمكن أن نعتبره هدية عيد العمال قائلاً: إن هذا القرار هو إضاءة شمعة في نفق مظلم. وأشار الى ان الأزمة الإقتصادية والوضع الأمني في الجنوب، عوامل تدفعنا الى مرونة أكبر في ما يتعلق بالتعاطي مع الهيئات الإقتصادية والدولة لإنتاج حد أدنى 18 مليون ليرة، وهذا أمر جيد بهذه المرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان. وتابع في هذا السياق، نحن كاتحاد طالبنا أن يكون الحد الأدنى للأجر 50 مليون ليرة، أي ما يوازي $550، ونظرا للواقع الصعب الذي يعيشه لبنان وبعض أصحاب العمل يعانون من أزمات اقتصادية خصوصا في المناطق بالجنوب والبقاع اعتمدنا الرقم 18 مليون ليرة.
الأسمر يبرز بعض الشوائب التي تضمنها المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء، قائلاً: أصدرت الحكومة المرسوم المتعلق بزيادة الحد الأدنى منقوصا، ويخالف ما تمّ الإتفاق عليه مع الإتحاد العمالي بحذف بند زيادة غلاء المعيشة مبلغ 9 ملايين ليرة الى أساس الراتب لـ450 ألف عامل مسجلين في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ، مؤكدا في هذا الإطار، احتمال دعوة لجنة المؤشر للإجتماع قريبا جدا لتصويب الأمر تحت طائلة استئناف التحركات المطلبية. وأكد أن تصحيح بند غلاء المعيشة حق يحفظه القانون إرساء لمبدأ العدالة والمساواة بين المستخدمين والعمال في القطاع الخاص، ودعما للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الذي يؤمن رعاية صحية لأكثر من ثلث الشعب اللبناني. ورأى الأسمر، أن استنهاض الصندوق الوطني للضمان وعودته الى اعطاء حقوق المضمونين بالطبابة والإستشفاء كما كانت عليه في العام 2019 لن يتم بخفض الحدّ الأقصى للكسب الخاضع للإشتراكات من 90 مليون ليرة الى 50 مليون ليرة، هذا الأمر يحرم الضمان من جزء كبير من مداخيله، لذلك يجب اعادة النظر بهذا الموضوع باعادة الحوار مع المعنيين في لجنة المؤشر.
واعتبر أن خفض الإشتراكات المترتبة للضمان على الأجور الى 50 مليون ليرة بدلا من 90 مليون ليرة والتي يدفع أصحاب العمل القسم الأكبر منها سينعكس تباطؤاً في الإيرادات المتوقعة من الإشتراكات، بالتالي لن يكون بإمكان الضمان تحسين ايراداته وتقديماته الصحية كما يتوقع. وبشأن مدى التزام الشركات بقرار رفع الحد الأدنى، يوضح الأسمر، أنه ما ان يصبح المرسوم نافذا وهو كذلك، يتوجب على مختلف الشركات التصريح للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي عن رواتب الموظفين لديها، أي يصبح الحد الأدنى 18 مليون ليرة من صلب الراتب ويستفيد منه الموظف المضمون، مؤكدا أن هذا القرار ملزم بالحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص في لبنان على ان لا يقل عن 18 مليون ليرة ، لافتا الى ان بعض الشركات لا تصرّح بالأجر الحقيقي لأجرائها وأحيانا لا تسدد رواتب موظفيها بالمبلغ الذي أقرته الحكومة بما سيكون له تأثير مالي على قيمة التعويضات، مضيفا: فإذا كان التصريح بأقل من هذا المبلغ يتوجب ملاحقة صاحب العلاقة وتقديم شكوى لدى وزارة العمل أو الإتحاد العمالي العام. لكن الأسمر، لا يستغرب عدم التزام بعض الشركات بقرار رفع الحدّ الأدنى الى 18 مليون، إذا كانت الدولة هي نفسها تتهرّب مضيفا: ما تمّ إقراره للقطاع العام من زيادات، هي حوافز وليس زيادة رواتب أي مساعدة لا تدخل في أساس الراتب، فلجأت الحكومة الى تسميات مختلفة، بالتالي يمكن ان تسحبها ساعة تشاء، فكم بالحري بعض أصحاب العمل. وأكد ان اﻟ18 مليون ليرة لا تنصف العامل، مشددا على ان القرار يجب ان يكون مستندا الى دراسات علمية تفرض ان يكون الحد الأدنى للأجور 52 مليون ليرة على الأقل للعائلة المتوسطة المؤلفة من 4 أفراد، لكي تعيش بالحد الأدنى المعقول من متطلبات العيش الكريم التي تشمل طبابة، غذاء، نقل، سكن وتعليم. ووفقا للأسمر، بلغ معدلات البطالة في لبنان في العام 2023 ومع الربع الأول من العام 2024 الخاصة بالرجال نحو 37%، فيما تبلغ معدلات البطالة الخاصة بالنساء نسبة 47% فضلا عن هجرة الخريجين الجامعيين لخوض غمار أسواق العمل منذ العام 2020 التي وصلت الأرقام الى حدّ 170 ألف من خريجي الجامعات، وهي ارقام مخيفة جدا، متخوفا أن يتحول لبنان الى مجتمع كل بسبب الهجرة والأزمة الإقتصادية.