بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
بين كواليس المساعي الدبلوماسية التي يتحدّث عنها المجتمع الدولي وظهرت عناوينها من عين التينة، وبين كلام وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت عن تفعيل القوات البرية والبحرية والجوية في إشارة إلى إمكانية الدخول الإسرائيلي البري سباق حقيقي.
في إسرائيل كلام عن دخول بري محدود في حال عدم التوصل سريعاً إلى اتفاق مع لبنان طويل الأمد، وفي لبنان ورقة يتم التحضير لها لتكون أساساً لاتفاق مقبل برعاية فرنسية أميركية عربية لوقف إطلاق النار في لبنان، وإمكانية التوصّل إلى تسوية ما في غزّة. ما هو المسار الأكثر ترجيحاً لا سيما مع تثبيت الشيخ نعيم قاسم لثوابت الأمين العام للحزب الراحل السيد حسن نصرالله.
ورقة تسوية منقحة؟
في جولة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على القيادات اللبنانية حافظت باريس على مسعاها لعدم حصول دخول بري إسرائيلي إلى جنوب لبنان، وحملت معها أفكاراً واقتراحات للمبادرة الفرنسية الأميركية نفسها التي وُضعت على طاولة نيويورك. ولكن الجديد هذه المرة أنّ البحث جارٍ على تنقيح هذه الورقة بعبارات تُرضي فريقي الصراع. أي الحزب ونتنياهو. فبعد أن أطاح رئيس الحكومة الإسرائيلية بالورقة التي طُرحت في نيويورك في تصعيده الأخير واغتياله الأمين العام للحزب، بدأت مساعٍ دولية لإيجاد تعبير آخر في غزّة، بدل وقف اطلاق النار.
رئيس مجلس النواب نبيه برّي والرئيس نجيب ميقاتي ليسا بعيدين عن هذه المساعي. لا بل بدت مساعيهما واضحة في كلام ميقاتي من عين التينة وفيه وضع خارطة طريق للحل. أولاً بالوصول إلى وقف إطلاق نار في لبنان وتطبيق القرار 1701، ونشر الجيش في الجنوب، وانتخاب رئيس جمهورية توافقي لا يشكل تحدٍّ لأحد. حيث علم “أساس” من مصادر دبلوماسية أنّ الوزير الفرنسي حمل معه 5 مبادئ تشكّل انطلاقة للعمل لإخراج الوضع من تأزّمه، وهي:
1- دعم لبنان (سلطة وشعباً).
2- التفريق بين طبيعة لبنان وقطاع غزة.
3- الأولوية هي لوقف إطلاق النار، وتعزيزها بانتخاب رئيس للجمهورية عبر توافق لبناني مسؤول، من خلال تطبيق القرارات الدولية انطلاقاً من 1701 وصولاً إلى اتفاقية الهدنة 1949، أي تكون البداية من وقف العمليات العدائية والعسكرية وصولاً لإرساء معادلة نهائية لا حرب فيها ولا سلام.
4- ضرورة تطابق الموقف اللبناني الرسمي مع الموقف الدولي، وإلزامية تكوين مبادرة لبنانية مسؤولة تتناسب مع ظروف لبنان الاستثنائية، تكون مسهّلاً ومعبراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن.
5- إعطاء الجيش اللبناني دوراً مهمّاً في المرحلة المقبلة وضرورة دعمه وتحصينه، والعمل جارٍ على إجراء تجمّع دولي لدعمه في المرحلة المقبلة.
أضافت المصادر لـ”أساس” أنّ المبادئ التي حملها الوزير الفرنسي تحظى بمباركة وتأييد الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية.
في قراءة نشاط عين التينة، قالت مصادر سياسية أنّ الرئيس برّي يسعى إلى عدم كسر موقف الحزب من جهة، ومن جهة أخرى وقف الحرب الدامية على لبنان. يعتبر رئيس المجلس في كواليسه أنّ لبنان لم يعد يستطيع تحمّل استمرار الحرب، وبالتالي فإنّ مساعيه جدية لإيجاد مخرج تقني أو لفظي أو في الصياغة لأي اتفاق يوقف الحرب.
مصادر سياسية داخلية شكّكت بإمكانية نجاح هذا المسعى بناء على أكثر من اعتبار.
– اولاً: استمرار تمسّك حزب الله بربط الحرب في لبنان بغزة.
– ثانياً: رفض نتنياهو صيّغ الحل بعدما اختبرت كل القوى ذلك في المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة.
– ثالثاً: تصميم نتنياهو على القضاء على القدرة العسكرية لحزب الله، ودفعه إلى التحوّل إلى حزب سياسي فقط.
– رابعاً: استمرار إسرائيل بالاغتيالات وتصفية قادة الحزب، ليس فقط المركزيين بل القادة الموزعين في المناطق كافة.
كل هذه المؤشرات لا توحي بأنّ نتنياهو سيذهب بسهولة للموافقة على أي صيغة للحل. لا سيما وأنه يتحدّث عن دخول بري وسلام أبدي لإسرائيل.
تل أبيب لا تريد الـ1701
تزامناً مع كل المساعي الدبلوماسية التي أكّدت عليها باريس الرافضة تماماً أي دخول إسرائيلي بري إلى لبنان، هناك في كواليس الدبلوماسية الغربية مسار آخر يُحكى أنّ نتنياهو يخطط له. فتل أبيب لم تعد تريد القرار 1701. بل تريد أكثر من ذلك. وبالتالي فهي قد وضعت خارطة طريق لحربها على لبنان.
– أولاً: الاستمرار بالاغتيالات وضرب البنية التحتية للحزب لإضعافه إلى أقصى الحدود.
– ثانياً: الدخول البري المحدود من الجنوب أو من الجنوب والبقاع لـ”تنظيف” الأرض والأنفاق وكل ما يمكن أن يشكّل خطراً على أمن إسرائيل.
– ثالثاً: البقاء في الأراضي اللبنانية لفرض شروط أخرى على الانسحاب والاتفاق على أي قرار.
– رابعاً: الدخول إلى الأراضي اللبنانية سيستدعي استنفاراً دولياً وانعقاداً لمجلس الأمن للبحث في الخروج الإسرائيلي .
– خامساً: الاحتلال الإسرائيلي للجنوب سيضع الإسرائيلي في موقع الأقوى في المفاوضات وسيفرض شروطه على لبنان.
– سادساً: ستطلب إسرائيل إقرار قرار أممي آخر غير الـ1701 ولكن بناء عليه، لتضيف عليه بنوداً تراها لمصلحة أمنها.
– سابعاً: الموافقة على القرار الأممي الجديد يرافقه انسحاب إسرائيلي وتنفيذ الاتفاق، وإعطاء الحزب “انتصار” الانسحاب من كل الأراضي بما فيها تلك المتنازع عليها حالياً.
بالتزامن مع هذا المسار، ينتخب لينان رئيس للجمهورية يحفظ التوازنات في البلد ويؤمن تطبيق القوانين الدولية.
إلا أنّ كل هذا المسار، يعترضه أمر أساسي ورد في كلام الشيخ نعيم قاسم. أنّ الحزب ينتظر الدخول الإسرائيلي البري لأنه يرى في ذلك تفوقاً من مقاتلي الحزب على الجنود الإسرائيليين.
فهل سيغيّر الحزب فعلاً معادلة التوازنات التي تُرسم للمنطقة أم أنّ ما كُتب قد كُتب؟
جوزفين ديب