الشرق – عقد مجلس المديرين العامين اجتماعا في مجلس الخدمة المدنية، تضمن جدول أعماله البنود الآتية: «1 – الوقوف عند الواقع الحالي وانعكاس الاجراءات الاخيرة المتخذة من قبل الحكومة بموجب المرسومين رقم 11227 ورقم 13020 /2024 وقرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 8-3-2024 وتعميم رئيس مجلس الوزراء رقم 6 تاريخ
21-3-2024 على الأداء الإداري وفعالية العمل في الإدارات العامة.
2 – دراسة الأوضاع الإدارية وتحليلها وعرض المشاكل الأساسية التي تعاني منها الإدارة العامة ومن يتولى تسييرها، وواقع سلوكيات الأداء والتواصل الوظيفي واستخلاص أهم النتائج. 3 – التقييم المستمر لأداء الوحدات الادارية والموظفين وتطوير قدرات الموارد البشرية. 4 – الرقابة التسلسلية الداخلية والتدقيق الداخلي والخارجي ودور القيادات الإدارية في عملية التصويب والإصلاح. 5 – الدور المحوري لأجهزة الرقابة في ضبط الوضع الاداري وعملية الاصلاح والتصويب. 6 – تحديث القوانين والأنظمة الإدارية. 7 – البعد الاستراتيجي في وضع سياسة إصلاحية تأخذ في الاعتبار التطور التكنولوجي والرقمنة: اقتراح تشكيل فرق عمل لدراسة بعض المواضيع الأساسية وتقديم المقترحات في شأنها ليتم رفعها إلى رئيس مجلس الوزراء. وشكلت رئيسة مجلس الخدمة نسرين مشموشي لجنة من عدد من المديرين العامين من أجل اقتراح حلول للمشاكل التي تعانيها الادارة وخطوات إصلاحية ورفع تقرير إلى رئيسة المجلس، وسيتولى المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير التنسيق بين أعضاء اللجنة. وألقت مشموشي كلمة، قالت فيها: «أرحّب بكم باسم هيئة مجلس الخدمة المدنية، هيئاتٍ رقابية ومديرين عامّين، في الاجتماع الأوّل الذي ينعقد بعد تعييني في الموقع الذي أشغله اليوم، والذي تأخّر التئامه بسبب الظروف المعروفة التي أحاطت بالواقع العام والإداري منه تحديداً، متمنيةً أن يكون فاتحة الطريق، بالتعاون والتعاضد في ما بيننا جميعاً، لوضع سياسات ذات بعد استراتيجي تعكس التوجهات الحكومية الرامية لتحقيق أهداف إصلاحية في الإدارة العامة، محاولين في هذا السبيل الدفع باتجاه تحفيز العمل الإداري، وتنشيط دور الإدارات والمؤسسات العامة الأساسي في تأمين مقتضيات الصالح العام وتقديم الخدمة للمواطنين، باعتبار أنّ الإدارة العامة هي الوجه الأقرب للدولة إلى مواطنيها؛ وهذا يستلزم صياغة علاقة جديدة بين الموظّف العام والمواطن تقوم على تغيير النظرة إلى الموروث الثقافي لبيئة العمل الوظيفي، بعيداً من الأساليب البيروقراطية التقليدية، بحيث لا يتمّ التركيز فقط على مدى تطبيق القوانين والأنظمة الإدارية، والاهتمام بالجوانب الإجرائية للإدارة، من دون الالتفات إلى دراسة الأوضاع الإدارية وتحليلها لتحديد مواطن الضعف والخلل فيها، وتعيين مصادر المشكلة، وصولاً الى اقتراح الوسائل المناسبة لعملية الإصلاح والتصويب».
وتابعت: «قد يتساءل بعضكم عن جدوى هذه الطروحات ومدى مناسبتها لواقع الحال، وما فيه من عناصر الضغط والحصار السياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي لبيئة العمل الإداري التي تواجه منذ ما يزيد على أربع سنوات ظروفاً قاسية وحالاً من الخلخلة، حيث اضطربت أحوال هذه الإدارة، ووهَنَت قواها، وتردّت أوضاعها، بفعل تداعيات الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي، وما رافقه من أزمات على المستويات الصحية والاجتماعية والسياسية؛ فضلاً عمّا يشهده واقع المؤسسات الدستورية، من شغور في الرئاسة الأولى، والقيود الواقعة على عمل السلطة التشريعية، والحدود الضيقة التي تعمل في نطاقها حكومة تصريف الأعمال، وانعكاس كل ذلك على سير العمل في القطاع العام، بكل مرافقه وقطاعاته، من دون أن ننسى صعوبة الظروف المحيطة بنا، إن على صعيد الحرب المدمرة على قطاع غزة او على حدودنا الجنوبية، وما يترتب على ذلك من عدم استقرار في الواقع الأمني والاجتماعي والاقتصادي في البلاد. إنّها مرحلة قاتمة في تاريخ البلد، وبخاصة في النطاق الإداري، نأمل أن نكون قد بدأنا الخروج منها بخطى ثابتة وقابلة للتطوّر والتنامي إن شاء الله». وتحدث الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية فنقل تحيات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقال: «الادارة العامة اليوم، شأنها كباقي القطاعات، تعاني بسبب الازمة الاقتصادية، ولكن في حقيقة الامر هي لم تكن في السابق بحال أفضل، ونحن وصلنا الى مرحلة لم يعد الحل كافيا من خلال المهدئات بل الأمور بحاجة الى معالجة قيصرية». اضاف: «الحكومة اليوم أعطت فرصة من خلال تكليف مجلس الخدمة المدنية خلال 3 أشهر، بأن يجري إعادة دراسة للموضوع. لذلك لنجرب الحكومة، كسلطة سياسية، لنرى ما ستصل اليه من نتائج لجهة الوصول الى تدابير معينة بالنسبة للقطاع العام». وتابع: «كل المشاكل باتت اليوم معروفة سواء لجهة الشغور في الادارة او على مستوى الرواتب او الحضور. ولذلك يجب تشكيل لجنة عمل برئاسة مجلس الخدمة من اجل وضع تصور معين، يشمل نقاط واقتراحات الحلول، وثم يجتمع المدراء العامون لمناقشتها ومن ثم رفعها الى الحكومة بحيث يضعونها أمام مسؤولياتها».
وختم: «انا اقترحت هذه الخطة خلال اجتماع اليوم، وتم تشكيل فريق عمل بحسب الاقتراح، برئاسة مجلس الخدمة وعضوية بعض المدراء العامين، لدراسة كل تلك المواضيع، والكرة اليوم في ملعب مجلس الخدمة للتحضير لمسودة ورقة العمل». من جهته، قال رئيس التفتيش المركزي جورج عطية: «بنتيجة ما استمعنا اليه في هذا اللقاء، يمكننا تحديد المشاكل والعوائق التي طرحتموها كمدراء عامين الى قسمين: الاول يرد ضمن صلاحياتنا وحدود ادارتنا للامور، والثاني يحتاج الى قرارات وتشريعات وتوفير اعتمادات تخرج عن امكاناتنا، فلنبدأ بالقيام بما في أيدينا، فلنعد النظر بمفهوم وجودنا في الادارة العامة. نحن موظفون عامون مؤتمنون بالدرجة الأولى على حسن خدمة الناس، ومسؤولون اداريون عن ادارات تعنى بإنجاز الخدمات وحل وتسيير المعاملات الخاصة بالمواطنين وفق الانظمة والقوانين، كل ذلك بهدف ايصال المواطن الى حقه في الخدمة العامة». من جهته، ألقى المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة كلمة قال فيها: «خطوة اجتماع المديرين العامين في الوزارات والدوائر الحكومية هي الأولى منذ 32 عاما، علما انه من الضروري ان يعقد اجتماع كل 3 اشهر، ولكن للأسف عقد بعد مرور أكثر من 32 سنة، فأن نصل متأخرين خير من ألا نصل أبدا. لقد عقدنا اجتماعات سابقة، لكن لم تكن لها الصفة الشرعية كاجتماع اليوم، خصوصا في حضور أركان العمل الإداري الأساسي في البلد». اضاف: «الإدارة اليوم تعيش حال موت، وهي يتيمة، إلا انه في الأشهر الخمسة الأخيرة، أصبح هناك تغيير نوعي في المطالبة بالحقوق واستطعنا تحصيل جزء يسير مما يمكن ان يحصل. لكن هناك نقاطا يجب ان نتطرق اليها في اجتماعنا الاستراتيجي: المبدأ الأول هو اعادة الاعتبار الى الموظف، من دون ان نوسع الهوة بينه وبين الادارة، وبين الادارة كقطاع عام وبين الجمهور، لأننا بحاجة لاعادة ترميم الصورة. إذ إن هناك صورة نمطية سيئة جدا عن الادارة اللبنانية ونحن جزء من تشكيلها، ويجب علينا ان نعمل على إنتاجها بالشكل الصحيح. الخطوة الأولى لتحقيق هذا الأمر هي اعادة الثقة الى العاملين في الادارة، وهذا ليس كلاما فقط، بل يحتاج الى امور مادية. فعندما نتحدث عن الموظف، يتم التطرق اليه على انه اما مشروع انسان سيئ، او انه سيكون سيئا». اضاف: «اما بالنسبة الى قاعدة الاستثناء، فإنه وبحسب التوصيف القانوني الصحيح، لدي شغور في وزارة الاعلام، وبالتالي فان الموظف الذي يعمل كأجير او متعاقد او كأننا أتينا به من الشارع من دون معرفة مصيره، لن يكون لديه أي انتماء، لا للوطن ولا للوظيفة، وهذا منطق لا يجب ان نسمح له بالاستمرار. انا لا اقول بأننا سنجد الحل يوم غد، لكن أقله علينا ان نسعى لايجاد هذا الحل. لا يمكن ان يكون لدينا عاملون في الادارة وهم لا ينتمون اليها. وانا اعرف الكثير من الذين انهوا مدة خدمتهم وحصلوا على تعويض نهاية الخدمة لا يتجاوز ال 5 آلاف دولار كحد أقصى، ليجدوا انفسهم بعد ذلك في الشارع، ومنهم من لجأ للتسول. انا لا احمل المسؤولية لأي سلطة سياسية ولا إدارية، لكن هناك تقصيرا واضحا وبينا في هذا الشق.