إيجابيات وسلبيّات عملية «طوفان الأقصى»

كتب عوني الكعكي:
لا شك أن «العالم» انقسم حول عملية طوفان الأقصى، التي جرت في 7 أكتوبر من عام 2023 الى مؤيّد ومعارض.. وقبل أن نبدأ بالإيجابيات، لا بدّ من قول كلمة حق في تقييمنا لهذا الشعب الفلسطيني الجبار، الذي استطاع أن يصمد سنة كاملة ومعها خمسة أشهر أمام قصف عنيف ليلاً ونهاراً، وبجميع أنواع القذائف. هذا الشعب الصامد تحمّل ما لم يتحمّله أي شعب في العالم…
فبالرغم من سقوط 50 ألف شهيد و100 ألف جريح، لم تستطع إسرائيل بكامل جبروتها أن تحرّر مخطوفاً واحداً… ولنا عودة الى قاله عدد كبير من المخطوفين عن المعاملة الحسنة وعن الإسلام وأخلاق المقاتلين.
على كل حال أبدأ بالإيجابيات:
أولاً: كانت القضية الفلسطينية شبه منسية، لا بل لم يعُد أحد في العالم يتكلم عن حقوق الشعب الفلسطيني ولا عن الدولة الفلسطينية المنوي إقامتها، بل أصبحت من الماضي.
ثانياً: معظم الدول العربية ذهبت الى التطبيع باستثناء المملكة العربية السعودية التي ربطت عملية التطبيع بإقامة الدولة الفلسطينية.
ثالثاً: أثبت أبطال المقاومة أنهم خلال ساعتين حققوا انتصاراً عسكرياً على إسرائيل ولأوّل مرّة في التاريخ، وقتلوا 1538 إسرائيلياً من بينهم 286 ضابطاً وجندياً و764 مدنياً، وأسروا 248 شخصاً.
رابعاً: لا يزال المجرم السفاح بنيامين نتنياهو مصاباً بخيبة أمل، لأنه ولأوّل مرّة في تاريخ إسرائيل تعجز الدولة العبرية عن تحقيق أهداف أعلنت عنها، وهي القضاء على «حماس»، وهذا لم يحدث. ويكفي الصوَر لأبطال «حماس» وهم يسلمون الأسرى. فما هو سر هؤلاء الابطال؟ والسؤال الأهم أين استطاع أبطال «حماس» أن يخبئوا المختطفين وعددهم 248 لمدة سنة وخمسة أشهر، أليْس هذا إنجاز تاريخي؟
خامساً: تدمير 90 % من بيوت وبنايات وجوامع وكنائس وجامعات ومستشفيات غزة… والشعب الفسطيني الصامد لا يخاف من كل القذائف والصواريخ. ويكفي مشهد أهل غزة وهم يعودون الى شمال غزة.. إنه منظر تاريخي، يكاد المرء لا يصدّق ما يشاهد… وهو يرى أن هذا الشعب البطل بقي يجابه بلحمه وقوة إرادته الآلة العسكرية الإسرائيلية. بالفعل أنه مشهد يرفع الرأس ويكبّر القلب.
سادساً: يكفي أنّ العالم انقسم الى قسمين: فالدول على الصعيد الرسمي كانت بأكثريتها مع إسرائيل.. ولكن الشعوب ولأوّل مرة في التاريخ كانت بمجملها مع الفلسطينيين.
ويكفي أيضاً ما جرى في الجامعات في أميركا.. إذ أن معظم الجامعات اجتاحتها تظاهرات مؤيّدة للشعب الفلسطيني، وهذا يحدث لأوّل مرّة في التاريخ.
إحدى الأسيرات الإسرائيليات قالت بعد تحريرها: سمعتهم (تقصد المقاومة والشعب الفلسطيني) يرددون ويقولون كلاماً يدل على ثقة كبيرة وإيمان عميق عندهم. وما رأيته كان صادماً.
أدركت أن هؤلاء الناس لن يتراجعوا… فماذا قالوا: “لو متنا جميعاً وبقي طفل سيقاوم. وإن متنا جميعاً فلن نستسلم وسيأتي جيل آخر أقوى إيماناً”.
هؤلاء لا يبالون بالموت… قالوا إنه موجود في كتابهم المقدّس. بعد هذا أتحدّث بصراحة.. أنا متأكدة أنهم لن يستسلموا، اعتقدت أنهم سيعتدون عليّ لكن لم يمسوني بشيء، هؤلاء لن يُهزموا… علينا أن نستسلم أو نجد حلاً.
أسيرة ثانية أطلقتها «حماس» قالت: لم يعتدِ علينا أحد… عاملونا أحسن معاملة… وكنا نشعر بالطمأنينة والأمان. إنهم يخافون الله، ولا يعتدون على أحد، حتى ولو كان هذا الأحد من أعدائهم.
أكتفي بهذه الإنجازات بالرغم من أني لم أقل إلاّ القليل بحق الشعب الفلسطيني المقاوم والبطل والجبار.
أما بالنسبة للسلبيات فإنني أذكر:
أولاً: لا شك أن الثمن كان غالياً جداً، إذ قتلت إسرائيل كما ذكرت 50 ألف مواطن أغلبهم نساء وأطفال، و100 ألف جريح أغلبهم من النساء والاطفال كذلك.
ثانياً: معظم دول العالم بدأ يتحدث عن أن الكلفة العالية التي يدفعها الشعب العظيم لا تستاهل ما أنجز، طبعاً هذه وجهة نظر ضيّقة لأنّ في تاريخ الشعوب لا بدّ من أن يقدّم الشعب تضحيات كبيرة من أجل الحصول أو الحفاظ على الوطن.
ثالثاً: الكثير من الإعلام المعادي للفلسطينيين شمت فيهم وقال إنهم يقومون بعملية انتحارية، والتضحيات التي يقدموها لا تستاهل كما ذكرنا أيضاً.
ختاماً… يمكننا القول إنه وعلى الرغم من عدم تحقيق معركة طوفان الأقصى كامل أهدافها حتى الآن، وعلى الرغم من التكلفة الهائلة التي دفعها الشعب الفلسطيني من دم أبنائه الى جانب الخسائر المادية غير المسبوقة، فإنّ المستقبل من دون أدنى شك هو في صالح هذا الشعب، وفي صالح مقاومته الباسلة التي أظهرت الكيان الصهيوني على حقيقته.

aounikaaki@elshark.com