إغناتيوس: قطر تقود جهود تشكيل حكومة انتقاليّة في سوريا

بقلم  إيمان شمص

«أساس ميديا»

كشف ديفيد إغناتيوس المحلّل السياسي في صحيفة واشنطن بوست أنّ “قطر، التي كانت لفترة طويلة داعمة سرّية لهيئة تحرير الشام، تقود الجهود العربية لإنشاء حكومة انتقالية تحت رعاية الأمم المتحدة”.

 كتب المحلّل السياسي: “ستكون إعادة توحيد سوريا مهمّة شاقّة بعد أكثر من عقد من الصراع الدموي. فقد أدّى الانهيار المفاجئ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى تدمير إمبراطورية إيران بالوكالة في الشرق الأوسط، في غزة ولبنان والآن سوريا. لكنّ ملء فراغ السلطة الناتج في جميع أنحاء الشرق الأوسط بحكم مستقرّ، يشكّل تحدّياً عاجلاً ومعقّداً”.

رأى إغناتيوس أنّه “قبل 14 شهراً فقط، تعرّضت إسرائيل للرعب والاهتزاز بعدما عبر مقاتلو حماس سياج غزة. واليوم، مات أعداء إسرائيل في جميع أنحاء المنطقة أو فرّوا. إنّها عملية متشنّجة، غنيّة بالوعود، لكنّها ربّما تحمل سمّاً من عدم الاستقرار الإقليمي والاضطرابات. فقد علمت من مصادر عربية أنّ هيئة تحرير الشام كانت تؤمّن مقرّ المخابرات السورية في دمشق وتحاول احتواء العنف في العاصمة. ولكن مع إطلاق سراح الآلاف من السوريين فجأة من سنوات التعذيب التي قضوها في سجون الأسد، هناك من يتشوّق للانتقام”.

وفقاً لإغناتيوس، تحاول القوى الإقليمية العربية تثبيت عملية الانتقال. وقطر، التي كانت لفترة طويلة داعمة سرّية لهيئة تحرير الشام، تقود الجهود العربية لتشكيل حكومة انتقالية تحت رعاية الأمم المتحدة. فقد أكّد بيان قطريّ يوم الأحد “ضرورة الحفاظ على المؤسّسات الوطنية ووحدة الدولة لمنعها من الانزلاق إلى الفوضى”. وحثّ على “تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي صدرت منذ سنوات والتي تدعو إلى تشكيل حكومة سورية جديدة تضمّ أعضاء من النظام والمعارضة”.

خطوة في الاتّجاه الصّحيح

أمّا بالنسبة للولايات المتحدة، فإنّ الإطاحة بالطاغية المدعوم من موسكو وطهران هي “خطوة استراتيجية ضخمة في الاتّجاه الصحيح”، كما ينقل إغناتيوس عن أحد مسؤولي الإدارة. فقد كانت الولايات المتحدة تسعى إلى استبدال الأسد، من خلال وسائل علنية وسرّية، منذ عام 2011. واليوم، هذه الفترة هي “فترة مخاطرة وعدم يقين” للمنطقة، كما يحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن بحقّ.

لقد أصبحت سوريا، كما يصفها إغناتيوس، عبارة عن فسيفساء عنيفة، حيث تسيطر الجماعات المدعومة من تركيا على غرب سوريا حتى دمشق، وتسيطر ميليشيا كردية مدعومة من الولايات المتحدة على الشمال الشرقي، وتهيمن ميليشيات مدعومة من الأردن على الجنوب.

لا شكّ أنّ الولايات المتحدة وروسيا ستلعبان دوراً دبلوماسياً في تشكيل سوريا المستقبلية، لكنّ اللاعبين الإقليميين هم الذين سيكونون حاسمين، ينقل إغناتيوس عن مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية. فقد كان “هناك وقت كانت فيه القوى العظمى تنظّم مسار الأحداث. لكن ليس بعد الآن. وسواء كان ذلك للأفضل أو الأسوأ، فإنّ الأمر متروك الآن لإسرائيل وتركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن”.

أصداء لثلاثة أحداث

أشار إغناتيوس الى أنّ التحوّل الذي دام عشرة أيام في سوريا له أصداء لثلاثة أحداث أخرى، كلّ منها يحمل درساً خاصّاً به:

1- تذكّرنا سرعة سقوط الأسد بانهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في أفغانستان. حدث سقوط كابول بعد تسعة أيام فقط من خسارة أوّل عاصمة إقليمية لطالبان. عندما يشعر الجيش بالتخلّي عنه وإحباطه، من قبل الولايات المتحدة في أفغانستان وروسيا وإيران في سوريا، فإنّه ينزلق إلى السقوط الحرّ.

2- التشبيه بالاندفاع السريع لحماس عبر سياج غزة ونجاحها في اقتحام الكيبوتسات والقواعد العسكرية الإسرائيلية القريبة في 7 أكتوبر 2023. مثل حماس، كانت هيئة تحرير الشام مدرّبة جيّداً ومجهّزة بقدرات هجومية سريعة لم يتخيّلها المدافعون أبداً. من الواضح أنّ تركيا لعبت دوراً كبيراً في سوريا، وكذلك فعلت قطر التي لها علاقات طويلة الأمد مع قيادة هيئة تحرير الشام.

3- التشابه مع العراق، الذي يُظهر الفوضى التي يمكن أن تتبع تغيير النظام. عندما أطاحت الولايات المتحدة بصدّام حسين في بغداد عام 2003، أشعلت شرارة صراع عرقي وإقليمي لا يزال مستمرّاً حتى يومنا هذا. وبالمثل، سحقت إسرائيل القوّة العسكرية لحماس في غزة. لكن ّهذا الجيب أصبح الآن منطقة خارجة على القانون من قطّاع الطرق والعصابات، من دون أيّ علامة على استقرار الحكم.

ختم إغناتيوس: “إحدى الحقائق المشؤومة منذ بدء الانتفاضة السورية في عام 2011، هي أنّ الجماعات الجهادية كانت أقوى فصيل عسكري، وأنّ هيئة تحرير الشام، التي تقود المعركة التي أطاحت بالأسد للتوّ، هي من نسل مجموعة قبل 12 عاماً. وكما يعترف مسؤول كبير في الإدارة، فإنّه إلى جانب ابتهاج البيت الأبيض بزوال الأسد، “لدينا مشكلة مكافحة الإرهاب”.

إيمان شمص

التعليقات (0)
إضافة تعليق