كتب عوني الكعكي:
أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسّام – الجناح العسكري لحركة حماس – يوم الخميس الفائت، استشهاد قائد هيئة أركان كتائب القسّام محمد الضيف… مع مجموعة من المقاتلين الأبطال… فمن هو محمد الضيف، مُرعب إسرائيل ومخطط «طوفان الأقصى»؟
ارتبط اسم محمد الضيف، منذ التسعينيات، بفصائل المقاومة الفلسطينية، ويعتبر أحد أبناء الجيل الأول من «القسّاميين».
فمنذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب الشهيد «عز الدين القسّام»، متجاوزاً محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل، ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولاً الى معركة «طوفان الأقصى».
ولد محمد دياب ابراهيم المصري المعروف بـ «محمد الضيف» عام 1965 في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة، لعائلة هُجّرت من داخل فلسطين المحتلة عام 1948 ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس. والده عمل في صناعة الوسائد وتنجيد الفرش. تأثر منذ صغره بواقع الاحتلال وظروف اللجوء القاسية، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف «حماس» خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة حيث درس العلوم.
شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987، واعتقل في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام الى «حماس»، أفرجت إسرائيل عنه عام 1991 ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب القسّام، وأصبح الضيف مطلوباً لإسرائيل بعد مشاركته في تنفيذ العديد من «العمليات الفدائية».
برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل في نوڤمبر 1993 حيث أوكلت إليه قيادة كتائب القسّام.
خلال هذه الفترة استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية… وتمكن من الوصول الى الضفة الغربية وتشكيل العديد من الخلايا الفدائية.
لعب الضيف دوراً كبيراً في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بيرنبالا قرب القدس، وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وهوية فاكسمان حيث كان ملثماً بالكوفية الحمراء.
تمكن الضيف من أن يؤمّن وصول المهندس يحيى عياش أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية الى غزة، وعياش تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ عام 1996.
تعرّض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى وهو برفقة المناضل عدنان الغول عام 2002 ونجا من الموت في حين استشهد الغول.
وفي 26 أيلول 2004 نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف سيارته في حي الشيخ من طائرة إسرائيلية فنجا أيضاً من الموت وقُتِل رفيقاه اللذان كانا معه.
جرت محاولة ثالثة لاغتياله عام 2006 بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وقيل إنّه أصيب بجروح خطيرة بعد قصف المنزل الذي كان متواجداً فيه.
وكانت أخطر محاولات اغتيالاته عام 2014 خلال العدوان الإسرائيلي على غزة حيث استهدفت منزله طائرات حربية إسرائيلية، لكنه خرج من تحت الركام.
لقد أشرف بنفسه، وحضّر وخطط لمعركة «طوفان الأقصى».
لم يظهر في الإعلام ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة. إنّه العقل المدبّر للتكتيكات العسكرية.
كيف ومتى استشهد الضيف؟
في 13 يوليو 2024، ضربت القوات الجوية الإسرائيلية منطقة المواصي في قطاع غزة بهدف اغتيال الضيف، وأسفر الهجوم عن استشهاد ما لا يقل عن 90 فلسطينياً وإصابة 300. وكان القصف بقنبلة بقوة 2000 رطل. وزعمت إسرائيل إنها قتلت رافع سلامة نائب محمد الضيف، وأفادت أن مقتل الضيف غير مؤكد لكن نسبة قتله كبيرة جداً.
«حماس» نفت الأمر يومذاك لاعتبارات خاصة بها. لقد كان الضيف مرعباً لإسرائيل وقواتها وهي سمته برجل الموت.
وفي الحقيقة أن القائد محمد الضيف استشهد مع المجموعة التي أعلن أبو عبيدة عن استشهاد أفرادها وهي تضم: محمد الضيف، مروان عيسى، غازي طمّاعة، رائد تابت، أيمن نوفل، أحمد الغندور ورافع سلامة.
ولكن يبدو أنّ تأجيل الإعلان عن استشهاده يعود لسببين:
أولاً: مجرّد أن لا يكون عند إسرائيل معلومات حول اغتياله والتشكيك.. بحد ذاته يعد انتصاراً للمقاومة ومحاولة تضليل للعدو.
ثانياً: يبدو أن القيادة قرّرت عدم الإعلان عن استشهاده وذلك من أجل ترتيبات من سيأتي من بعده.
aounikaaki@elshark.com