أوسكار 2025 .. فيلم No Other Land يحقق ما عجزت عنه الحروب

كتب عوني الكعكي:

الصراع بين اليهود والفلسطينيين بدأ انطلاقاً من «وعد بلفور» 1917، حين وعد وزير الخارجية البريطاني المذكور اليهود بدولة يهودية لهم في فلسطين.

وبما أنّ فلسطين كانت تحت الانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية، ساهمت بريطانيا بترتيب مؤامرة بمساعدة وتسليح عصابات «الهاغانا» المتطرفة، لطرد الفلسطينيين من ديارهم. واشتد الصراع في عام 1936 حتى العام 1948 حين نفذت المؤامرة وهجّر الفلسطينيون بعد اقتلاعهم من أرضهم.

ومنذ ذلك الحين الصراع قائم والحروب قائمة. فبعد 1948 والاعتراف بالدولة اليهودية بقي هامش التوسع اليهودي قائماً حتى عام 1967 حيث قامت إسرائيل في حرب جديدة في 5 حزيران، باحتلال سيناء والجولان السوري والضفة الغربية والقدس وغزة.

لم تكتف إسرائيل بهذه الحرب التي انتصرت فيها انتصاراً كبيراً والتي سمّيت بحرب الأيام الخمسة، حيث سجلت انتصاراً عسكرياً كبيراً على الدول العربية. وللمناسبة تميّزت إسرائيل في تلك الحرب بحصولها على طائرات «الميراج» التي حققت لها الانتصار الكبير. وأخذت إسرائيل تتفاخر بأنها حققت في الأيام الخمسة انتصاراً على مصر وسوريا والأردن. والأهم كانت تلك الحرب أكبر هزيمة لعبدالناصر الذي بعد تلك الهزيمة أعلن استقالته متحملاً وحده كامل المسؤولية.

طبعاً… بعد تظاهرات صاخبة في مصر والعالم العربي مطالبة عبدالناصر بالتراجع عن قراره. وهذا ما حدث فعلاً… فقد استجاب الرئيس عبدالناصر لمطالبة الجماهير به بالعودة.

اللافت أن الرئيس عبدالناصر أجرى تعديلات جوهرية، واستطاع الحصول على أسلحة يستطيع بواسطتها أن يعيد كرامة الجيش المصري.

توفي الرئيس عبدالناصر عام 1970 في ظروف صحيّة غامضة، تولى بعده الرئيس محمد أنور السادات الحكم، إذ كان نائباً للرئيس.

في عام 1973 وفي 6 أكتوبر، أقدم الجيش المصري على شن حرب ضد إسرائيل لاسترجاع سيناء واستطاع أن يجتاز «خط بارليف» الذي كانت إسرائيل تعتبره حماية لا يستطيع أي جيش في العالم تجاوزه.

وبالفعل، سطّر أبطال الجيش المصري إنجازاً تاريخياً في عبور قناة السويس.

تدخل الأميركيون في اليوم الثاني للمعركة، وأجبر الرئيس السادات بإيقاف الحرب أمام التهديد الاميركي باستعمال السلاح النووي.

اما على الجبهة السورية، حيث قام الجيش السوري بالدخول الى الجولان والوصول الى نهر الاردن. ولكن الضغط العسكري من خلال الجسر الجوي الذي أقامته أميركا بمساعدة وزير الخارجية هنري كيسنجر. تغيّرت الظروف واضطر الجيش السوري للانسحاب. وظلت حرب الاستنزاف بين سوريا وإسرائيل، وحاول الجيش الإسرائيلي الدخول الى درعا متوجهاً الى دمشق… ولكن دخول الجيش العراقي في المعركة أجبر الجيش الإسرائيلي على التراجع. وهكذا…

لذا، فإنّ الصراع العربي – اليهودي ما زال حتى اليوم محتدماً. بالرغم من كل التنازلات الفلسطينية للوصول الى اتفاق، لا تزال إسرائيل تراوغ وتكذب وتتنصل من أي اتفاق.

وهذا ما دفع الفلسطينيين الى القيام بعملية «طوفان الأقصى» بعد أن أجبرت إسرائيل العالم على نسيان القضية الفلسطينية.

من هنا، نقول إنّ ما حصل في «الأوسكار» على الصعيد السينمائي، والذي أحدث اجتماعاً بين الفلسطينيين واليهود. حقق إنجازاً تاريخياً تخطى كل السياسات الإسرائيلية العدوانية والعسكرية ليقول: إنّ ما فرقته الحروب تجمعه الثقافة والفن والإنسانية.

لقد حدث في أوسكار العام 2025، أنه وبعد إعلان فوز فيلم «لا أرض أخرى» أو «لا وطن بديل» بأوسكار أفضل فيلم وثائقي، وهو فيلم من صناعة فلسطينية – إسرائيلية مشتركة، جمع ما بين الصحافيين: الفلسطيني باسل عدرا والإسرائيلي يوفال ابراهام وثقا معاً التدمير الإسرائيلي الممنهج للشعب الفلسطيني ولأرضه. وهما أطلقا صرخة على مسرح الأوسكار.

فقد طالب عدرا بوقف الظلم والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، متمنياً ألاّ تختبر ابنته المولودة حديثاً المعاناة ذاتها التي عاشها هو.

أما ابراهام فرفع الصوت أعلى من شريكه قائلاً: عندما أنظر الى باسل أرى فيه شقيقي، لكننا غير متساويين، نعيش في نظام حيث أنا حرّ تحت قانون مدني، فيما يعيش هو في ظل قانون عسكري يدمر حياة الناس.

aounikaaki@elshark.com