بقلم د. باسم عساف
الكِيانُ الصُّهيونيّ، المَبني على فِكرة تجميع اليَهود في أرض فلسطين، والذي نشأ على فكرَة الصِّراع العقائدِيِّ والإيديولجِيِّ مع باقي المخلوقات، إذ يعتمِدون ويعتقِدون، أنٌَ صِنفهم هو الذي يستحِقٌّ الحياة، وما تجميع الناسِ حولَهم، ليس إلا للإستخدام والإشغال بالخدمات، التي تعود عليهم بالنَّفع العام، دون أن يكون لهؤلاء، أيُّ تقريرٍ للمصير، أو أي قرارٍ يجعل لهم أيُّ وزنٍ، أو أيُّ قرارٍ، أو أيُّ دورٍ يؤثِّر على مُخطًّطاتِهم، بالهيمنة والتسلُّط لحكم العالم بالرَّأس الواحد، التي تديره الصهيونيَّة العالميَّة، بعد تمسُّكها بالسٌّلطة والمال، والسَّيطرة على حكومات العالم، لتكون طيِّعةً بين أيديهم.*
من هذا المنطلق، الذي إعتمدته الصهيونيَّة العالميَّة ومن بعدها إسرائيل، فقد باتت تتعامل مع بقيٌَة الدول بفوقيّةٍ مُتعاليَةٍ وبتمَايزٍ أعمَى، يتَّخذ من شرائعهم المقَدَّسة، ووفق تعاليم تلمودهم، الذ ي خطُّوهُ بأيادِيهم، ورسموه بأفكارهم الشيطانية، ليفرضوا على الناس ما تشتهي أنغسهِم من نزواتٍ وترَّهاتٍ وإفتِراءآتٍ، لتنطلي على الشعوب بحبائل الكذب، التي طالت مع الزمن، وإستمرت أكثرَ من مِائة عام، وهم يفتشون عن آثارِ الهيكل المَزعوم في القدس الشريف، وتحت أسَاسَات المسجدِ الأقصَى، ولم يجدوا حبٌَة ترابٍ من هذا الأثر، الذي نشأت فكرة إقامة الوطن القومي اليهودي عليه، وإعادة بناء الهيكل المزعوم فيه، من أجل إقامة مَملكة داوود مجدداً، لإحياء أمجادٍ تاريخيةٍ خياليةٍ، غير موجودةٍ إلا بمعتقَداتِهم البالية، التي يَغشٌُون بها اليَهود أولاً، وباقي الخَلقِ بعدها، لغاياتٍ في نفسِ يعقُوب.
*كلما مالت الدَّفَّة نحو الفضائح وتبيان الحقيقة لهذا الكيان الغاصب، والمُحتل لأراضي الغير، والمُستغلُّ لكُلِّ مبادئ وشرائع الدنيا، لتبرير وجودِهم وإستعصَائهم بمقوِّمات العيش لكل بني البشر، عبر إستيلائهم وإستغلالهم للحكومات والمنظمات الدولية، والسيطرة على البلدان الصغيرة والنامية، عبر المُغرَيات المتعدِّدة بالسلطة والمال، أو بأفكارٍ تبهِرُ النُّفوس الضعيفة، المتشدِّقة إلى المَناصِب والمَراكز والمواقع، التي تتباهى من خلالها، وتُطلِق منها أحقادَها وأنانيَّاتها بالحكم والسُّلطة، لمآرب شخصيَّة وشيطانيَّة، وهذا ما يسري على معظم الدول والمنظمات كبرت أم صغرت، والمهم بالأمر، أنها باتت في رَكبِ مخطَّطات الصهيونيَّة العالمِيَّة.
كيف للكيان الصهيوني أن يستمر ويتوسع، ويزيد قوةً وتسلطاً، من دون مقدِّماتٍ وتوطِئةٍ للوجود الثابت، على الإستيطان ومغرياته لليهود وإستثماراتهم في أرض فلسطين، بالعدِيدِ من المغرَيات بالمساعدات والتقديمات، التي تُدغدِغَ نفوسَهم لتثبيتهم بهذه الأرض، التي يعتبرونها منحةً من السَّماء لهم، على تطبيق تعاليمهم، التي وردت في التلمود.
وهي من جهة ثانية، تقوم على قتلِ وإبادةِ الآخرين، حتى لا يكونوا حَجَر عَثرةٍ في طريق الوصول إلى غايتهم، لذا هم يعتبِرون أن قتل الآخرين من الغُوِيم (غير اليهود ) هو تقرُّباً للرَّب، ويُحرِّصُون على التمادي به، والمزيدِ من المجازِر التي ترضِي أحبارَهم، الذين يحُضُّون على إرتكابهَا، لأنها تقَرِّبهم من شياطينِهِم المُتحكِّمين بأفكارهم ورِقابهِم.
*الصِّراع بين الحقِّ والباطِل، مستمرٌّ منذ نشوءِ الخَلق، ومواجهة إبليس لآدم، وإخراجِهما من الجَنَّة ليستقرَّا على هذه الأرض، لتكون ساحة الصراع، وإثبات قوَّةِ وحيلةِ كلٍّ منهما ومن يتبعهما، إلى التحكُّمِ بالأرض وشعوبها، وسوقِها إلى الهيمنة الكاملة، لما فيها من منافعَ وخيرات، وجميعُها مغرياتٍ لأهل الحق، وأيضاً لأتباع الباطل، حيث يحتدم الصراع على أشكال متعدِّدة منها : التنافس، ومنها الحروب، ومنها التخاصم، ومنها الإعتداءآت على الحقوق والمكتسبات، ومنها الإغتيالات الفردية والجماعية، ومنها الدفاع عن الحريات والحقوق والمكتسبات، ومنها التحرر من التبعية السياسية والأمنية والإقتصادية، أو الإستقلال عن الإحتلال والإستغلال، ومنها إثبات الحق في الحكم والسلطة.*
وهكذا فإن الصراع يأخذ الأشكال المتعددة كمياه البحر بين المَدِّ والجَزر، وكالحرب بين الكرِّ والفرّْ، وإنَّ ما يجري مع الصهيونية العالمية وربيبتها إسرائيل، في إتِّباع درب الشياطين، وإستخدام كل الوسائل والطرق المنحرفة عن الحق، لتتعدى بذلك على البشرية، التي وُجدت على الأرض لتعيش بسلام، ولتستمِرّ بحياةٍ حرَّةٍ كريمةٍ، لا تشوبها شائبة، ولا تخدِشها نائبة.
*وقد إعتمدت الصهيونيَّة الطريق الآخر، الذي تستعين فيها من الشياطين، لتتحكَّم بالأرض وشعوبها، ولا يمكن ذلك إلا بأساليب الكذِب والإفتراء، وأحابيل الشياطين، التي تستخدم كل الوسائل المُنحرِفة غير السَّوِيَّة، والبعيدةُ كلَّ البُعد عن الصفات البشرية المعتدلة والمستقيمة.*
ولا نستغرب أن تكون الصهيونيَّة دوماً في حروبٍ دائمةٍ مع الشعوب، خاصَّة في القضايا المُحقة، أو في مسائل الحُرٌِيات بالتعبير، وفي التقرير للمصير، وما القضية الفللسطينية وتحرير أرض فلسطين، منذ أكثر من مائة عام المغتصبة عُنوةً وقَسوةً، وإستخدام ما لا يخطر ببال أحد، من الأسلحة الفتاكة، التي تمعِن بالقتل والتدمير، حتى الإبادَة الكامِلة للبشر والحجر والشجر.
ونجد معها أنَّ إستخدامها للقوَّة المُفرِطة، وإشعال الحروب بكافة وسائلها، التدميريَّة والتفجِيريَّة والإغتياليَّة، تصبُّ جميعها في أهوَنِ الدروب عندها، للتحكُّم بشعبِ فلسطين وأرضِها، وبالتالي للسَّيطرة على العالم من خلال التَجيير والتَجييش لمخططاتها العدوانية، ولكل الدول والمنظمات الخاضعة، والمتعاونة بالمدِّ إلى حين، والتي تنتظر الجَزر إلى حينٍ آخرَ، آتٍ لا مُحَال..
د. باسم عساف