كتب عوني الكعكي:
قال المحامي المعروف مارسيل سكالدي في لقاء خاص من على شاشة الاخبارية المصرية، بعد سؤال وُجّه إليه لمعرفته التامة بالشرق الأوسط عن التحدّيات التي يعيشها الشرق الأوسط في هذه الأيام وبخاصة مع استمرار الحرب الاسرائيلية على غزة والأحداث في جنوب لبنان:
“في البداية أوجه تحيّة خاصة للشعب المصري.. فمصر دولة عظيمة لها مكانتها ولها دورها..
أما بالنسبة للحرب الإسرائيلية – الفلسطينية، فيجب العودة الى الوراء لمعرفة جذور هذا الخلاف، ومعرفة المتسببين الحقيقيين بهذه الحرب.
هناك سلسلة من الكوارث آخذة بالظهور، ونتيجة وجود هذه الكوارث، يجب أن نسمّي المسؤولين عنها بكل شفافية.
بداية، لنعد الى أفغانستان… يوم دخلها الروس، لقد كانت الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى أوّل الداعمين لـ”طالبان” المتطرّفة، بغضّ النظر عن عقيدتها.
ولنعد الى تخلّي الولايات المتحدة الأميركية عن شاه إيران واستقدام الخميني بدلاً منه. فمن كان يصدّق ذلك؟ إنها مصالح الدول هي التي ترسم الأحداث.
ولأذكّر بأنّ أميركا أوقعت صدّام حسين في فخ الكويت ودفعته الى احتلالها… ثم تخلّت عنه، وبحجة الأسلحة الكيماوية التي لم يعثر عليها أحد احتلت أميركا العراق.
فمصلحة إسرائيل في التخلص من صدّام حسين دفعت أميركا الى إقامة حرب إيرانية – عراقية، كما دفعتها الى التخلص من الشاه واستقدام الخميني -كما ذكرت-.
وفي ليبيا، تمّ اغتيال القذافي وإزاحته، وعاشت ليبيا منذ ذلك الوقت صراعاً لا يزال مستمراً. وهنا أتساءل: ماذا فعلت الدول الغربية بغربي أفريقيا؟ وماذا حدث في سوريا؟ إنّ أكبر غلطة ارتكبت هي القضاء على صدّام حسين ومعمّر القذافي، والتلاعب بمصير الشعوب.
أقول: أعرف ان كل ما حدث عائد للمصالح الخاصة بالدول… ولكن من المفروض أن يتم إيجاد البدائل الصالحة والمناسبة.
بعد صدّام، عاش العراق في فوضى عارمة وارتمى العراق في أحضان إيران، وفي سوريا انقسمت الدولة الى دويلات تحت سلطات روسية وتركية وإيرانية وأميركية وإسرائيلية مع تدخلات فاضحة من حزب الله اللبناني. باختصار… التدخلات العشوائية رمت سوريا في أحضان إيران وروسيا.
وأعود بالذاكرة الى الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، ولن أعود الى عام 1948. بل سأبدأ بمعاهدة السلام الاسرائيلية – الفلسطينية… مناحيم بيغن تعرّض لانتقادات شديدة واغتيل من التطرّف الديني اليهودي. اسحاق رابين الذي حكم بين 1978 و1995 وضع أسس سلام مع ياسر عرفات الذي اعترف بإسرائيل وجنح للسلام.
هنا بدأت حركات تطرّف إسلامية – ويهودية تحارب هذا السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
ومن الواضح اليوم أنه لا توجد رغبة بإقامة دولة فلسطينية… بينما الأمر ممكن ويتجسّد في حلّ الدولتين.
أنا أؤمن بأمرين:
أولاً: حق اليهود بدولة لهم وبالشعور بالأمن.
ثانياً: حق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة تتمتع بكل صلاحياتها.
وفي ردّه على سؤال حول رأيه بالمحكمة الجنائية الدولية، ومدى قدرتها على منع وإدانة المجازر في غزة قال:
سأقولها بصراحة… لا جدوى من القانون الدولي. فإذا كانت هذه هي الحقيقة، فكيف يمكن محاكمة مجرمي الحرب؟ وكيف ستعمل المحكمة الجنائية الدولية وتنفذ قراراتها وأميركا والصين وروسيا خارجها؟ وكما قال شارل ديغول يوماً: “إنها شكلية لا ينتهي فيها أي تحقيق”.
إنّ هجوم 7 أكتوبر لم يحدث مثله من قبل.. وفي إسرائيل… كان الاسرائيليون منقسمين حول الاصلاح القضائي، فبرز تيار ديني متطرّف وشكل بنيامين نتانياهو حكومته اليمينية التلمودية المتدينة والمتطرّفة… اغتيال رابين سمح للمتدينين بالظهور أكثر.
وعن رأيه في ما يحدث حالياً أجاب:
* يجب أن ينفّذ حل الدولتين بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة الى جانب دولة يهودية.
* العالم العربي له دور فاعل في هذا المجال، ولا ننسى الوعي العربي الذي برز أيام الرئيس جمال عبدالناصر. ولن ننسى ما قام به أنور السادات بعد النصر عام 1973، وجرأته في إبرام اتفاق مع إسرائيل… تبعتها اتفاقات مع الأردن وغيرهما من الدول العربية وصولاً الى التطبيع الحالي مع دول عربية عدّة.
وختم المحامي مارسيل سكالدي بالقول:
“للأسف لا حلّ في هذا الوقت، لأنّ الدين صار له الأسبقية على السياسة… وفي ظلّ هكذا حالات، تصبح العقول مظلمة.
يجب علينا أن نبتعد عن التطرّف الديني، ونحكّم عقولنا، ونبعد السياسة عن الدين حتى نصل الى العدالة المنشودة”.