كتب عوني الكعكي:
لم يشهد العالم أبطالاً مثل أبطال أهل غزة.. خصوصاً أبطال «طوفان الأقصى»… فلماذا؟ بكل بساطة هم أبطال مميزون للأسباب التالية:
أولاً: منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى تاريخ اليوم 24 فبراير (شباط) 2025، وهم لا يزالون صامدين.. أمّا كيف، فلا أحد يعرف…
ثانياً: لأول مرة في التاريخ يستطيع هؤلاء المقاتلون أن يستمروا في مجابهة إسرائيل ليلاً ونهاراً، يتلقون جميع أنواع القذائف المتطورة التي تزن آلاف الأطنان وهم صامدون.
ثالثاً: هناك سؤال يحيّر إسرائيل… وهو إنها استعملت جميع الوسائل المتوفرة لها، وانتهكت جميع المحرّمات الإنسانية كي تقضي على أبطال الطوفان، وعبثاً حاولت، لأنّ الأبطال بقوا صامدين وينتظرون الوصول الى اتفاق ضمن شروط أبطال الطوفان فقط، لا وفق شروط تُـملى عليهم.
رابعاً: هناك سؤال يتردد على ألسنة كل العالم: كيف يحافظ الأبطال على المختطفين، خصوصاً أنّ المختطفين يشيدون بالمعاملة الحسنة التي يتلقونها؟ فعلى سبيل المثال، الإسرائيلية السيدة شاني لوك (23 عاماً) التي قالت إنها كانت خائفة، وكانت تنتظر أن يعتدوا عليها، ولكنها اعترفت بأنّ ليس هناك أي اعتداء عليها بل العكس أشادت بإنسانية الخاطفين وحسن معاملتهم.
مثل آخر، البارحة تم الإفراج عن ثلاثة من المخطوفين وهم: إيليا كوهن، وعومر شيف تون وعومر فنكرت، الصورة التي لا يمكن أن ننساها هي كيف قام أحد المخطوفين، بتقبيل أحد الخاطفين على جبينه…
مثال آخر أيضاً: معظم الرهائن يشيدون بالدين الإسلامي، دين المحبة والتسامح والحفاظ على أرواح المخطوفين والدعوة الى التصالح.
خامساً: أما المنظر اللافت فهو كيف يقف أبطال الأقصى على المنبر وهم يسلمون المخطوفين، والمثير للدهشة أكثر، اللباس الذي يلبسونه، والأهم هذه القامات الممشوقة والأجسام المميزة فعلاً إنه منظر أبطال مميزين.
سادساً: بدون الدخول في تفاصيل الكذب الإسرائيلي والتنصّل من أي اتفاق سلام.. خصوصاً عندما يكون الإسرائيلي خاسراً، نرى صمود أبطال الطوفان وهم يلتزمون بأي اتفاق يوافقون عليه… بينما إسرائيل تبحث في كل دقيقة عن مهرب كي تهرب من الاتفاق.
سابعاً: بالنسبة لترحيل أهل غزة، هناك الكثير من آراء لشخصيات أوروبية وأميركية تشرح بدقة أن هذا الامر لا يمكن أن يتحقق بوجود شعب صلب متمسّك بأرضه ودينه كالشعب الفلسطيني وبالأخص أهالي غزة.
البريطاني أوين جونز يقول: إنّ ما حدث في غزة تطهير عرقي وإبادة جماعية.. أضاف: لا أحد يمكنه إلا أن يقول إنّ ما تقوم به إسرائيل في غزة شيء لا يصدّق… إنه جحيم. لقد نفذت إسرائيل وبدعم مباشر من الولايات المتحدة والغرب مجازر لا توصف.
ترامب يؤكد أن شراء غزة ضرورة لأنّ أحداً لم يعد بإمكانه أن يعيش فيها… ولكن من الذي هدّم غزة وأباد شعبها؟ هل سأل ترامب نفسه…؟
إنّ ما حدث هو تطهير عرقي وحرب مروعة. إنها إبادة جماعية تؤدي الى التدمير الجسدي. وهذا ما فعلته إسرائيل بغزة. ولا مجال للأعذار في تبرير هذه الإبادة. لو كنا نشعر ونؤمن بالإنسانية لما غفرنا لإسرائيل ومن كان وراءها أبداً.
إنّ ما حدث في غزة لا يخص الفلسطينيين فقط… بل يخص الإنسانية كلها، لأنّ الإنسانية باتت في خطر.
وأخيراً، الى الشعب الفلسطيني، في عالم تغمره القسوة علمتمونا كيف يكون الصمود، لم تستسلموا والحرية لفلسطين.
اما السياسي البريطاني جورج غالاوي (George Gallawe) فقال: أصبح من المؤكد أن الحرب الشاملة عائدة الى الشرق الأوسط بسبب التخريب المتعمد لوقف إطلاق النار الذي يتسبب به نتنياهو.
وهنا أقول لنتنياهو: “إنك لن تستطع إخضاع غزة ولا احتلالها… الفلسطينيون سيشنون حرب استنزاف طويلة. لن تحتل غزة وغزة لن تكون لقمة سائغة لجيشك. اسمع رأيي: لا أحد سيستضيف مليوني فلسطيني، هؤلاء سيقاتلونك حتى الرمق الأخير.
هنا أذكرك بموقف الملك عبدالله وهو جالس أمامك يخجل وشفتاه ترتجفان.. أتعلم لماذا؟ لأنه يشعر بالعار لأنه استمع إليك.
لن أحاول تقليده الآن… فأنا لا أحب السخرية، إنه موقف مخزٍ حتى النخاع.. هذا موقف الملك الذي عيّن البريطانيون جدّه.
كذلك قال النائب الفرنسي ايمريك كارون:
إنّ ما حدث في غزة هو ضد الإنسانية،
فمنذ عام تغيّرت رؤيتي للأشياء، حتى رؤيتي لبلدي وللمجتمع الذي نشأت فيه، لقد أدركت أنني أعيش في بلدٍ لا يقدّر الإنسانية.
اكتشفت أن في وطني أناساً كنت أظن أنهم أصدقاء، ولكنني اكتشفت في ما بعد أن الكثيرين منهم يقبلون بإبادة جماعية لشعب بريء، فمن صمت عن الإبادة الجماعية لا يمكن أن يتحدث عن حقوق الإنسان.
لقد نشأت على فكرة أن فرنسا هي بلد حقوق الإنسان، لكن تسللت الى نفسي الشكوك بعد حرب غزة. فإنّ الكثيرين صمتوا عن قتل الأطفال، وبصراحة صرت أنظر الى بلدي بطريقة أخرى.
إنّ ما حدث في غزة هو إبادة جماعية لأول مرة يحدث مثلها في التاريخ والسكوت عليها عار.
ما يحدث في غزة هو الجوهر وهو قلب الإنسانية ذاته.