وليد جنبلاط والدروز في سوريا

بقلم مروان اسكندر
كان من حظي التعرف الى وليد جنبلاط الذي كان يزور شقيقتي عليا السعيد في منزلها في بناية مقابل مستشفى الجامعة الاميركية. وكان وليد جنبلاط في تلك الفترة يتنقل على موتوسيكل سريعة وجاءت ابنة اختي منى السعيد تسأله عن الاوضاع السياسية، وكانت رفقته في ذلك الزمان دائماً غنية… ومن ثم تعرفت الى كمال جنبلاط، وزرته في منزله في بيروت حيث كان يختلي بزائريه في غرفة مكتبة ثمينة بالكتب المهمة. الامر المهم كان دوماً ان اللقاء بالابن مفيداً وكذلك الوالد المرحوم كمال جنبلاط الذي اغتاله السوريون لسبب خلافهم معه في الرأي.
استناداً الى هذه الخلفية، وكوننا من سكان رأس بيروت، كنت آمل في التقرب الى حد أبعد من وليد جنبلاط ومن ثم جمعت من المؤلفين لمواضيع تهم المنطقة ولبنان، وأسمح لنفسي بمعلومة لوليد جنبلاط وقراء بعض كتبي بأني اللبناني الوحيد الذي تحتوي محفوظات مكتبة الكونغرس بـ25 مؤلفاً من إنتاجي والمعلومة من رامي قرم حيث كان يزور المكتبة، وسأل عن كتاب من لبنان، فأشاروا إليه بأن يراجع مؤلفاتي المسجلة لديهم والتي بلغ عددها 26 كتاباً، ورامي اراد إبلاغي هذا الامر المهم الذي أفتخر به لأنّ مجال عملي كان الكتابة من جهة وتقديم المشورة لبعض دول المنطقة، ولا زلت على هذا الطريق علماً بأنّ كتابي الاخير قيد الطباعة سيتناول مرور السعودية في القرن الواحد والعشرين وماذا سيؤثر ذلك على مستقبل الشرق الاوسط.
الاحد شاهدت وليد جنبلاط مع نجله وفريق كبير من علماء الدروز في زيارة لدمشق لتهنئة قائد الانقلاب على عهد بشار الأسد الذي ارتكب موبقات لا يجوز سردها عن رئيس تولى حكم بلد عربي لـ25 عاماً وكل ما يذكر عن مآثره بطشه من جهة وطمعه المادي.
في كلمته لاستقبال وليد جنبلاط، اشاد الرئيس السوري بخصائص طائفة الدروز التي منها شبه ملحوظة في الجولان المحتل، واعتبر ان المستقبل ما بين القيادة اللبنانية والقيادة السورية سيكون مثالاً على التعامل بين بلدين يتشاركان على أكثر من صعيد تنظير مؤسسات دولية في منطقة الشرق الاوسط.
يعرف اللبنانيون مسعى وليد جنبلاط على الصداقة مع سوريا، وخاصة العلاقة مع الطائفة الدرزية التي تشكل غالبية سكان منطقة الجولان الجبلية المتمتعة بطقس رائع وسكان يرفضون تقبل الجنسية الاسرائيلية رغم تواجد القوات الاسرائيلية بكثافة في المنطقة.
الكثافة لم تعن الخنوع بل على العكس لياقة الدروز وتفهمهم لأوضاع الحاضر والمستقبل شجعهم على الاقامة في الجولان والاستفادة من فرص العلم في الجامعة السورية وربما من المفيد الاشارة الى ان دروز الجولان كانوا يتمتعون بحماية اسرائيلية لمتابعة دراساتهم في جامعة دمشق.
هنا لا بد من التوقف عند توجهات العلم للدروز، فهم كانوا يستطيعون الالتحاق بجامعة دمشق والعودة لمنازلهم بكل امان. والدرزي الدرزي يبحث في المستقبل اكثر من الماضي وربما هذا السبب في استقرار اعدادهم وتواصلهم مع أحبائهم في لبنان خصوصاً من فريق وليد جنبلاط، ولا بد هنا من لفت النظر الى ان الحكم السوري لم يكن يتصدّى لإرادة العلم لدى الدروز بل كان يفضلها لأن التعمق في دراسة اسس الاديان لا يستكشف بمخالفات مع توجهات العلم في اسرائيل، لأنّ الدروز الذين كانوا وما زالوا اقلية استطاعوا الاستمرار بالاعتماد على العقل والضمير، وربما هذا ما يطبع الانتباه الى ممارسة الوقاية في المواقف السياسية.
إنّ إقبال وليد جنبلاط على زيارة سوريا التي كانت في حكمها السابق قد تبنت تهديد وتدمير يبرهن على حكي وليد جنبلاط واستشعاره عبر تعلقه بالمنطقة لضرورة توطيد العلاقات مع الدروز في الجولان وحيث هم متواجدون. والمطلوب من اللبنانيين عموماً تمتع العقلانيين بتعمق مماثل.
مروان اسكندر

التعليقات (0)
إضافة تعليق