كتب عوني الكعكي:
لا شك ان عملية “طوفان الأقصى” قد فضحت جميع الأنظمة في العالم، وأظهرت ان الشعب في وادٍ والأنظمة في وادٍ آخر.
أحد الدلائل على هذه الفضيحة، ما يجري في كل العالم من تظاهرات شعبية، والأهم طلاب الجامعات وخصوصاً الأميركية والفرنسية والعربية وبخاصة مصر.
هذه العملية فضحت أيضاً ان حكام العالم مشغولون بـ”كراسيهم” أما بالنسبة للشعوب فإنّ هذا الأمر لا يعنيهم.
وفي العالم العربي نرى ما يسمّى بـ”الربيع العربي” الذي كلف الشعب السوري المظلوم مليون شهيد، وأنّ القوى العالمية وقفت مع المجرم ضد الشعب، وبدل أن يذهب الى المحاكمة لا يزال جالساً على كرسي “ما يُسمّى بالرئاسة”، ولكن الكرسي “مبخوش”، إذ أصبحت سوريا مقسّمة الى خمس دول مختلفة تتحارب على أرض ما يُسمّى بالدولة السورية.
وبينما تذهب بعض الدول الخليجية الى التطبيع مع إسرائيل، نرى الرئيس الكولومبي يصرّح بقطع العلاقات مع الكيان الغاصب، وهو الذي لا يجمعنا به دين أو لغة أو حدود، وتحدّث بما لم يتحدّث به أبناء ديننا ولغتنا وأصلنا الواحد.
بالعودة الى عملية “طوفان الأقصى”، فقد أصبح معروفاً ومؤكداً أنّ أبطال غزّة الذين قاموا بهذه العملية، كان بسبب عدم استجابة إسرائيل لكل النداءات والاتفاقات والمؤتمرات الدولية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ويبدو أنّ أميركا وإسرائيل بعدما عجزتا عن الوصول الى اتفاق لقيام دولة فلسطينية، وذلك طبعاً بسبب الإصرار والرفض الكبير من جميع القيادات الاسرائيلية منذ عام 1993، أي منذ عُقِد “اتفاق أوسلو” الذي لم ينفذ، بل بقي حبراً على ورق… وهو ما أضعف موقف منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منذ عام 1974 في القمة العربية في الرباط.
إسرائيل وبخطة ذكية، وبموقف حازم لا تريد البحث أو حتى مجرّد الوعد بإقامة دولة فلسطينية، طبعاً باستثناء رابين الذي كان من خلال “وديعة رابين” أي الاتفاق مع سوريا حافظ الأسد يريد أن يوقع على الاتفاق ولكن بعد إجراء انتخابات نيابية، وفوز التطرّف والتعصّب الاسرائيلي الذي كان أقوى من رابين وجماعته، فقتلوه أمام أعين الناس وفي مكان عام.
هذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على ان ادعاء الاسرائيليين بأنهم طلاب سلام مجرّد كذب كبير، وليس له أدنى صدقية، والتاريخ يثبت ما نقول.
باختصار، لو كان اليهود يريدون أن تُقام دولة فلسطينية على أرض فلسطين، ولو بواقع 20% من مساحة فلسطين الحقيقية فما هو المانع؟..
الجواب هو ان المانع سببه التطرّف اليهودي في فلسطين، وهو الذي يحكم إسرائيل وللأسف الشديد. فالأغلبية عند اليهود مع التطرّف ومع رفض قيام دولة فلسطينية.
بالعودة الى ما يجري اليوم في غزّة، لا بدّ من إبداء الملاحظات التالية:
أولاً: لم تحصل مجزرة في التاريخ كالمجزرة التي جرت وتجري في غزّة، إذ قتل لغاية اليوم أكثر من 40 ألف فلسطيني بأيدٍ إسرائيلية، والأغلبية من هؤلاء أي %70 أطفال ونساء.
ثانياً: %80 من مباني غزّة دُمّرت، وجميع المستشفيات أصبحت ركاماً وغير صالحة أبداً وخارج الخدمة، والجامعات أصبحت هياكل من دون أي حائط أو سقف… أماكن العبادة أزيلت حتى الكنائس التي لها تاريخ طويل، والمساجد أيضاً لم تسلم من التدمير.
ثالثاً: هناك مليونا مواطن فلسطيني لا يعرفون أين يذهبون، وماذا يأكلون أو يشربون، والبنى التحتية صارت في خبر كان.
رابعاً: أطفال حديثو الولادة ليس عندهم الحد الأدنى من الحليب والرعاية الصحية ولا حتى “الاوكسجين”.
أمام هول ما يحدث في غزّة يومياً نسمع عن اتصالات تجري مع بعض الدول العربية وبالأخص مع دول الخليج العربي، وأنّ هناك وفوداً تأتي وتشارك في مؤتمرات تحت شعار الضرورات… طبعاً حجج لا تقنع أحداً… لأنها واهية.
كذلك، فتح خطوط طيران كانت محظورة لا بل مقطوعة، وكأنّ التطبيع قد أخذ مداه.
بالعودة الى السؤال الذي طرحناه وهو: ماذا تستفيد تلك الدول من هذا التطبيع، وما هو الثمن مقابل هذا التطبيع؟
ولا بد من القول إنّ الحكام الذين لا يحرصون إلاّ على كراسيهم ومناصبهم، لا يأبهون بمصالح شعوبهم.
كذلك، فإنّ المؤامرات التي قضت على الزعماء العرب معروفة بدءاً باغتيال الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي قطع النفط عن الغرب بسبب دعمه لإسرائيل ضد العرب.
وإلى اغتيال الزعيم الكبير الرئيس جمال عبد الناصر في السبعينات من خلال تسميمه، واغتيال معمّر القذافي الذي لا يزال الشعب الليبي منغمساً في اقتتال لا يعرف أحد متى ينتهي.. إلى الرئيس صدّام حسين الذي أدّى اغتياله الى تدمير العراق وتقسيمه بين المذاهب.