كتب عوني الكعكي:
يبدو أن شعور رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بالنسبة للمخطوفين صار صفراً، بمعنى انه لو كان عنده «ذرة» من الإنسانية لشعر بتعاطف معهم، خصوصاً أن تاريخ إسرائيل بالنسبة لقضايا الرهائن حافل بالاهتمام، إذ كان دائماً يعتبر أن قضية المخطوفين من أهم القضايا، وأنّ أي مسؤول مستعد أن يضحي بالغالي والنفيس من أجل قضية إنسانية مثل قضية الرهائن:
أولاً: على سبيل المثال نذكر قضية جلعاد شاليط، إذ تضمنت الصفقة يومذاك إفراج إسرائيل عن 1027 أسيراً فلسطينياً، مقابل أن تفرج حركة حماس عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط. وقد أعلن عن التوصّل لهذه الصفقة في 11 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2011 بوساطة مصرية. وتعدّ هذه الصفقة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية التي تمّت فيها عملية الأسر، ومكان الاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين… وصفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والاحتلال الاسرائيلي 2011 أو «صفقة شاليط»، أو «صفقة وفاء الأحرار» كما يسميها الفلسطينيون، وتدعوها إسرائيل بـ «إغلاق الزمن»، تعدّ إحدى أضخم عمليات تبادل الأسرى العربية – الاسرائيلية، كانت مميزة لأنّ الفلسطينيين استطاعوا الحفاظ على الجندي الاسرائيلي أسيراً لنحو 5 سنوات رغم خوض إسرائيل حربين على قطاع غزة. تضمنت الصفقة إفراج إسرائيل عن 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل أن تفرج حركة حماس عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. وقد أعلن عن التوصّل لهذه الصفقة في 11 أكتوبر 2011 بوساطة مصرية، وتعد هذه الصفقة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية التي تمّت فيها عملية الأسر ومكان الاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين.
ثانياً: رون آراد (بالعبرية: أو رون عاراد، ولد سنة 1958)، هو طيّار إسرائيلي سقطت طائرته في 16 أكتوبر عام 1986 في جنوب لبنان عند قيام إسرائيل بغارات على مناطق الجوار، وقبضت عليه حركة أمل في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين مصيره غير معروف. ويُقال إن حركة أمل سلمته لحزب الله.
رصدت مؤسّسة إسرائيلية تسمي نفسها «ولد للحرية» عبر موقع على الانترنت مكافأة مالية كبرى قدرها 10.000.000 دولار (عشرة ملايين دولار) لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى معرفة مكانه.
في شهر يناير عام 2006 قال حسن نصرالله أمين عام حزب الله لأوّل مرّة إنّ هذا الطيْار قد مات وفقدت جثته. وفي تشرين الأول (أكتوبر) عام 2007 أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي أيهود اولمرت مقتله.
إنّ ما يدور اليوم من مفاوضات حول قضية إعادة المختطفين لدى «حماس» مقابل سجناء يقبعون في السجون الإسرائيلية، أعادت الى الواجهة الكثير من صفقات تبادل الأسرى السابقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين بدءاً بجلعاد شاليط كما ذكرنا. وفي ما يلي تفاصيل بعض تلك الصفقات عالقة في أذهان كثيرين ممن تقدم بهم العمر..
ثالثاً: خطف طائرة «العال» في يوليو (تموز) 1968 بواسطة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الرحلة رقم 426، وكان على متن الطائرة «بوينغ 707» نحو مائة راكب، وهي في طريقها من مطار هيثرو في لندن الى مطار ليوناردو دافينشي في روما، ثم الى مطار اللد في إسرائيل (مطار بن غوريون حالياً) وحوّل مسارها الى الجزائر، أطلقت الجبهة الشعبية سراح الرهائن مقابل 37 فلسطينية من ذوات الأحكام العالية.
رابعاً: بعد نجاح عملية الاختطاف الأولى، كرّرت الجبهة الشعبية التجربة في آب 1969. إذ اقتحمت ليلى خالد عضو الجبهة الشعبية قُمرة القيادة والتقطت سماعة ربان الطائرة وخاطبت برج المراقبة قائلة: هنا رحلة الجبهة الشعبية… فلسطين حرّة عربية… وعند دخول المجال الجوّي الاسرائيلي تحركت مقاتلات إسرائيلية وأحاطت بالطائرة فقرّر الخاطفون التوجه الى دمشق… ونجحت الجبهة الشعبية في إطلاق عدد من المعتقلين في السجون الاسرائيلية ومن ضمنهم طياران سوريان اضطرا للهبوط اضطرارياً في إسرائيل.
خامساً: صفقة شموئيل فايز: في عام 1969 نجحت حركة فتح في اختطاف الجندي الاسرائيلي شموئيل فايز. وبعد مفاوضات استمرت نحو عامين، توصلت الحركة الى صفقة تبادل مع إسرائيل تم تنفيذها في كانون الثاني (يناير) 1971 أفرجت إسرائيل بمقتضاها عن الفلسطيني محمود حجازي وأطلقت حركة فتح سراح الجندي الاسرائيلي.
سادساً: صفقة النورس: في شهر إبريل (نيسان) 1978 نجحت الجبهة الشعبية- القيادة العامة في أسر الجندي الاسرائيلي ابراهام عمرام في عملية أسمتها «عملية الليطاني»، وبعد مفاوضات جرت عملية تبادل أطلقت عليها اسم «النورس» في كانون الثاني (يناير) 1979، أفرج عن الجندي الإسرائيلي وأطلقت إسرائيل سراح 76 أسيراً فلسطينياً.
سابعاً: جاسوسة «الموساد»: بعد قرابة عام واحد في شباط (فبراير) 1980 تدخل الصليب الاحمر للتوصل لاتفاق تبادل بين إسرائيل و «فتح». وكانت «فتح» تحتجز فتاة أردنية تدعى أمينة المفتي، وكانت جاسوسة لجهاز الموساد الإسرائيلي، وبعد مفاوضات مكثفة أفرجت «فتح» عن الفتاة وأفرجت إسرائيل عن مهدي بسيسو.
ثامناً: عملية التبادل الكبرى حين نجحت «فتح» في تشرين الثاني (نوڤمبر) عام 1983 في إتمام صفقة تبادل عدّها حينها كنزاً كبيراً حيث أطلقت إسرائيل 4700 فلسطيني ولبناني كانوا في سجن أنصار. في المقابل أطلقت «فتح» سراح 6 جنود إسرائيليين كانوا قد وقعوا في الأسر في أيلول (سبتمبر) 1982.
تاسعاً: محاولة اغتيال خالد مشعل: عام 1997 اكتشف الأمن الأردني أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حينذاك، تعرّض لمحاولة تسميم في الأردن، ونجح الأمن الأردني في اعتقال أفراد «الموساد» الإسرائيلي المشاركين في العملية وأجبر الأردن إسرائيل على إرسال الترياق الخاص بإنقاذ حياة مشعل، وكذلك تم الإفراج عن الزعيم الروحي لـ «حماس» أحمد ياسين من السجون الإسرائيلية.
وهنا، وبعد هذه التفاصيل، لا بدّ من أن يتساءل المرء: لماذا يُحجم نتنياهو ويمتنع عن إجراء عملية التبادل؟ الجواب بالتأكيد، يعرفه الجميع، لأنّ نتنياهو لو قبل بصفقة التبادل، فإنه سيذهب بعد هذه الصفقة الى السجن حتماً.
ولان العقل والتفكير اليهودي الصهيوني لا يريد الاعتراف بفلسطين والشعب الفلسطيني ولا يريد اي سلام معه.
aounikaaki@elshark.com