عملية “طوفان الأقصى” تفكّك الجيش الإسرائيلي

كتب عوني الكعكي:

لا شك ان عملية أبطال “طوفان الأقصى” سوف تغيّر مسار الدولة العبرية التي لا تزال تعيش أحلام انتصارات وهمية عام 1948 وعام 1967 أي “حرب الأيام الستة” حين حققت إنجازات عسكرية كبيرة، إذ احتلت صحراء سيناء والضفة الغربية وقطاع غزّة، والأهم انها احتلت هضبة الجولان السورية الاستراتيجية التي تشرف على كامل فلسطين.

أمام الذي حدث عام 1973 في حرب 6 أكتوبر، كما كان إخواننا المصريون يطلقون عليها، وهم الذين اجتازوا خط “بارليف”، وكان الجيش المصري مستعداً لتحرير كامل سيناء والوصول الى داخل فلسطين المحتلة، لكن التهديدات الاميركية حالت دون ذلك.

إنّ حرب 6 تشرين الأول المجيدة كما يسمّيها الرئيس التاريخي حافظ الأسد شهدت وصول الجيش السوري الى نهر الأردن.

وبالفعل، فإنّ الطيران الاميركي و”الخط الجوّي” أو الجسر الجوّي أدى الى انسحاب الجيش السوري، ولولا تدخل الجيش العراقي لسقطت دمشق…

أما اليوم، فنحن نعيش في ظل أهم وأكبر مفترق تاريخي في مسيرة الصراع العربي – الاسرائيلي. إذ بالرغم من توقيع “معاهدة أوسلو” عام 1993 بين القائد ياسر عرفات (أبو عمار)  ووزير خارجية إسرائيل يومذاك شيمون بيريز برعاية الرئيس الاميركي بيل كلينتون، لا يزال الاسرائيلي متمسّكاً برفض حلّ الدولتين، بحجة موقف حركة حماس… وبالرغم من آراء عدّة جاءت على لسان قادة “حماس” بقبولهم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، فإنّ الاسرائيليين لا يزالون يرفضون هذا الحل.

ومن ثم جاءت عملية أبطال “طوفان الأقصى” التي ستغيّر مجرى التاريخ، كما ذكرنا.

وبالرغم من مرور 8 أشهر على أكبر وأهم عملية عسكرية في التاريخ، لا يزال الجيش الاسرائيلي عاجزاً عن تحقيق أهدافه وهي تحرير المخطوفين والقضاء على حركة حماس.

أبطال الأقصى علّموا الجيش الاسرائيلي درساً لا يُنسى أبداً.

فبالاضافة الى أبطال “طوفان الأقصى” هناك المقاومة اللبنانية التي أجبرت العدو الاسرائيلي على تهجير سكان شمال فلسطين المحتلة حيث بلغ عددهم 100 ألف… أما الأبرز فهو تطوّر خطير حدث أخيراً هو موضوع الصواريخ التي شلّت حركة الطيران المعادي، وهذا يشلّ حوالى %75 من قوة إسرائيل.

من ناحية ثانية، لا بدّ من أن ننظر الى ما يحدث داخل المؤسّسة العسكرية الاسرائيلية من انشقاق وخلافات واستقالات قد تؤدي الى تفكّك هذه المؤسّسة.

فقد حدث ما كنا توقعناه في مقالاتنا السابقة، إذ استطاعت عملية “طوفان الأقصى” تحقيق نصر جديد، بعد الأخبار المؤكدة والموثوقة والتي تحدثت عن انقسامات حادة بين جنرالات الجيش وتهديدهم بتقديم استقالات جماعية إذا لم يستقل رئيس أركان جيش العدو هيرتسي هليفي، فهم اتهموه بسوء إدارة الحرب على غزّة، وزجهم في حرب لا نهاية لها… وهي ستؤدي بالتأكيد الى الفشل الذريع أمام صمود “حماس” وأبطال المقاومة الفلسطينية.

فقد حذّرت أوساط عسكرية في تلّ أبيب من خطورة “حرب الجنرالات” التي بدأت تخرج من الغرف المغلقة الى العلن، بسبب الخلافات الشديدة التي تنفجر حول الاداء العسكري وتتحوّل الى معارك شخصيّة.

وقالت الأوساط نفسها إنّ عدداً من الجنرالات السابقين في الجيش يتدخلون لتسوية الخلافات ومنع انفجارها بشكل أكبر، مشيرة الى ان ما يحصل يُلحق ضرراً استراتيجياً في الروح المعنوية للجنود خلال المعارك.

وقال اللواء في الاحتياط يسرائيل زيف: “إنّ هذه الأجواء ناتجة عن التردّد في عملية اتخاذ القرار لدى المستوى السياسي، ما يضرّ بقدرة الجيش وأهليته، ويضرّ بإمكانية تحقيق الأهداف، ويؤدي الى تآكل الانجازات التي حققها”.

وأضاف زيف الذي شغل في الماضي منصب رئيس قسم العمليات في رئاسة الأركان، “إنّ السبب الرئيسي لذلك، غياب تحديد أهداف واقعية ومحدّدة للمستوى العسكري”.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نشرت تسريبات عن الخلافات بين قادة الجيش بلغت حد قيام أعضاء في رئاسة الأركان بمطالبة رئيس أركان جيش العدو هيرتسي هليفي والجنرالات المسؤولين شخصياً عن إخفاق وفشل الحرب على غزة في أعقاب هجوم “حماس” والتي أعلنوا عنها في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بالاستقالة من مناصبهم والخروج من صفوف الجيش.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإنّ الانتقادات الموجهة الى هليفي وجنرالات آخرين موضوعية ومحقة للغاية ومهنية وشرعية، ورغم انها خطيرة وتترك أثراً سيّئاً على الجيش، فإنّ الأخطر من ذلك هو تجاهلها من جانب قيادة الجيش.

وأشارت الصحيفة الى صدام مباشر بين هليفي وبين عضو هيئة الأركان العامة قائد الفيلق الشمالي الجنرال ساعار تسور، في أعقاب قرار هليفي بإنهاء مهامه وتسريحه من الجيش وتعيين خليفة له في المنصب، هو قائد الفرقة 98، العميد دان غولد فوس. ورأى ضباط في هيئة الأركان العامة، ان تسريح تسور، في ظلّ احتمال اتساع الحرب ضد حزب الله، ليس فكرة جيدة، وأنّ قسماً من هؤلاء الضباط يقولون إنّ “تسور” يستحق الترقية بفضل أدائه.

ونقلت الصحيفة ما قاله “تسور” خلال اللقاء مع هليفي عندما أبلغه بقرار تسريحه: “هل أنا الذي أخفق وعليّ أن أنصرف؟ فهناك مسؤولون عن هذا الفشل لا يزالون في مناصبهم”.

وردّ هليفي قائلاً: “ان رئيس شعبة الاستخبارات استقال”. لكن تسور ردّ عليه: “وماذا بالنسبة للبقية؟”.

كما وجه عدد من الضباط الكبار انتقادات شديدة لضباط هيئة الأركان العامة بسبب عدم استقالتهم، بعدما أعلنوا أنهم يتحملون مسؤولية الفشل.

ونقلت صحيفة “هآرتس” عن ضابط كبير قوله: “إنّ رئيس هيئة الأركان العامة مسؤول عن الفشل، والجيش الاسرائيلي ليس منظمة خاصة، ويجب عليه أن يُخلي كرسيه فوراً، وعليه أن يعود الى بيته”.

“القناة 12” الاسرائيلية قالت: “إنّ خلافاً طفا على السطح في هيئة الأركان خلال الجلسة الأخيرة (يوم الاثنين الماضي) وشهدت مشادات بين جنرالات في الجيش وبين هليفي. إشارة الى ان الجنرالات كانوا برتبة لواء… فهل ينفرط عقد هيئة الأركان كمقدمة لاندحار الجيش الاسرائيلي؟”.

aounikaaki@elshark.com

 

التعليقات (0)
إضافة تعليق